Translate

الجمعة، 12 أغسطس 2022

صلاة الاستخارة -سند بن علي بن أحمد البيضاني

 

 

 

صلاة الاستخارة -سند بن علي بن أحمد البيضاني 

سند بن علي بن أحمد البيضاني 

السلسلة الأولـــى   : كـــــاشـــف نــــــفـــســـــك  !.. لــمــاذا لا تــــســـتـــخـيـــــــر؟

 

السلسلة الثانيــة    : كـــاشـــــف نــــــفــســــــك  !.. لـــمــاذا تـستــخــيــر قــلــــيـــــلا ؟!

 

السلسلة الثالثـــة    : كـــــــــــــــــــــــــــيـــــــف تـــــتـقـــن صـــــلاة الاســتـــخــــــــــارة  ؟!

 

السلسلة الرابعــة   : صــــلاة الاستــــخارة ...  وأثرها على صلاح البال وتـطـويـر الـذات والإتـقـان والإبـــداع... !

 

السلسة الخامسة    : صـــــلاة الاستـــخارة ...  وتطــويــــــــر وتحقيـــــق الــــــذات !

 

السلسلة السادسة   : هذه قصتي مع الاستخارة منذ عشرين عاما ..وما زالت أحداثها مستمرة !

 

السلسة السابــعة   : أتــحب أن تكــــون ملهمــــا ؟!

 

السلسلة الثامنة    : هــــل استخار الرسول r

 

السلسلة التاسعة    : صلاة الاستخارة ..أحكام مهمة جدا لإتقانها !

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الحمد لله  والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد:

 

1)    هذه السلسلة مأخوذة من الكتاب الأصل ((صلاة الاستخارة .. كيف تتقنها لتجدد إيمانك؟! ))  وهـي تعالج عدة مسائل لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة لإتقان هذه الصلاة العظيمة الثمار ، فمثلا من لا يعرف أحكامها ولا الأعمال القلبية الملازمة لها أنى له بعد ذلك أن يتقنها ؟ .

 

2)   الاستخارة ليست مجرد ركعتين ودعاء مخصوص كما قد يظن كثير من العوام بل هي عبادة اشتملت على كل معاني ومقتضيات العبودية ، ولاشك أن العبادة التي تشتمل على كل ذلك بحاجة إلى إتقـان خاص حتى يجني العبد ثمارها ؛ وقد تقدم بيان ذلك من خلال معرفة أهميتها وهي موجودة في السلسلة الأولى والثانية والثالثة.

 

 

 

3)   الإتقان في اللغة : الإحكام ، وفي الاصطلاح : معرفة الأدلة بعللها وضبط القواعد الكلية بجزئياتها ، وقيل معرفة الشيء بيقين ([2])، وفي الحديث (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ))([3])، وإتقان العبادة هو الإحسان فلهذا نرى الفقهاء عندما يصفون الإحسان – أي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فاعلم أنه يراك – يقولـون : ((هو إتقان العبادة ومراعاتها بآدائها المصححة والمكملة ومراقبة الحق فيها واستحضار عظمته وجلاله حالة الشروع وحـالة الاستمرار)) ([4]) .

 

المبـــحث الأول

 

أحاديثــها وأحكامهـا

 

 

 

المسألة الأولى : أحاديث الاستخارة وتخريجها

 

وفيها عدة أحاديث :

 

الحديث الأول : عمـــدة أحاديث الاستخارة (حديث جابر)

 

عن جابر بن عبد الله y قال: ( كان رسول r  يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا همّ  أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال : عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به قال : ويسمي حاجته ([5]) ). صحيح .

 

تخريج الحديث :

 

جاء من عدة طرق أهمها :

 

من طريق عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد بن المنكدر عن جابر . وقد أخرجه :

 

البخاري في عدة مواضع(ج1/ص 391/حديث 1109) (ج 5/ ص 6019/ حديث 2345) (ج 6/ص 2690) .

 

أبو داود : (ج 2/ ص 89/ حديث 1538) وصححـــه الألباني .

 

ج- الترمذي (ج 2 / ص 345/ حديث 480) وصححه الألباني ، وقال الترمذي : (حديث جابر حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي وهو شيخ مديني ثقـة  روى عنه سفيان حديثـاً ، وقد روى عن عبد الرحمن غير واحد من الأئمة وهو عبد الرحمن بن زيد بن أبي الموالي ) .

 

د- النسائي - المجتبى - (ج 6/ ص 80/ حديث 3253) وصححه الألباني .

 

هـ- ابن ماجه: (ج1/ ص 440/ حديث 1383) وصححه الألباني .

 

و- الإمام أحمد في مسنده (ج 3/ ص 344) وصححه شعيب الأرناؤوط .

 

من طريق أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري حدثه عن أبيه عن  جده وقد أخرجه :

 

ابن حبان في صحيحه:(ج 9 /ص 348/4040) بنحوه وحسنه شعيب الأرناؤوط .

 

ابن خزيمة وصححه:( ج 2/ص 226/حديث 1220) وذكره بنحوه وسيأتي نصه في حديث الاستخارة عند الخطبة .

 

ج- الحاكم في المستدرك: (ج1/ص 458/حديث 1181) وذكر نحوه وسيأتي نصه في حديث الاستخارة عن الخطبة. وقال (تفرد به أهل مصر ورواته عن آخرهم ثقات ولم يخرجاه) (أي البخاري ومسلم) .

 

من طريق محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري - t وقد أخرجه :

 

أ- ابن حبان في صحيحه: (ج 3/ص 167/حديث 885) وحسنه الأرناؤوط، وفيه لفظة مهمة وهي: (إذا أراد أحدكم) .

 

ب- أبو يعلى في مسنده ( ج 2 /ص 497/حديث 1342) وحسنه الشيخ حسين أسد، وفيه لفظة (إذا أراد).

 

من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده عن أبي هريرة t وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه (ج 3 /ص 168/حديث 886) وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط البخاري) وفيه أيضاً لفظة (إذا أراد  أحدكم) .

 

توضيح مهم :

 

أحببت أن أذكر هذه الطرق حتى لا يتوهم أحد بأنه قد تفرد عبد الرحمن بن أبي الموالي  بحديث الاستخارة ،حيث جاء في بعض الكتب :

 

أسند ابن عدي في ( الكامل في ضعفاء الرجال/4/407/حديث 1134) عن الإمام أحمد ابن حنبل أنه قال: ليس يرويه أحد غيره وهو منكر ويقصد بذلك روايته هذه أما حاله فقد قال فيه (لا بأس ) .

 

قال الترمذي ) ج 2  / 345/ حديث 480) : ( حديث جابر حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي وهو شيخ مديني ثقة روى عنه سفيان حديثاً وقد روى عن عبد الرحمن غير واحد من الأئمة .

 

قال الزيلعي: (نصب الراية/ج 3  / ص 237): (وقال الدارقطني في حديث الاستخارة غريب من حديث عبد الرحمن ).

 

قلت : وقد وثق عبد الرحمن جمع من أئمة الحديث مثل ابن معين وأبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم ولمزيد من الفائدة انظر الفتح : (11/ 183- 184) .

 

الحديث الثاني : الاستخارة في الخطبة :

 

عن أبي أيوب الأنصاري t : أن رسول r  قال: (اكتم الخطبة ثم توضأ فأحسن وضوءك ثم صل ما كتب الله لك ثم أحمد ربك ومجّده ثم قل اللهم إنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب فإن رأيت في فلانة تسميها باسمها خيراً لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدرها لي وإن كان غيرها خيراً لي منها في ديني ودنياي وآخرتي فاقض لي ذلك.   حديث حسن : وقد تقدم تخريجه في ا لحديث الأول.

 

الحديث الثالث : الاستخارة والسعادة :

 

عن سعد t قال : قال  الرسول r (( من سعادة ابن آدم استخارته الله ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضي الله  عز وجل ) -  حديث ضعيف -

 

تخريج الحديث :

 

أ - أخرجه الترمذي (ج 4/ ص 455/حديث 2151) وقال: (هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد ويقال له أيضاً حماد ابن أبي حميد وهو إبراهيم المدني وليس هو بالقوى  عند أهل الحديث ).

 

ب- أخرجه الإمام أحمد في المسند (ج1/ ص 168/ 1444) وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 184).

 

ج- أخرجه الحاكم في المستدرك (ج1/ ص 2669/ حديث 1990) ، وقال (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي .

 

د-  أخرجه البزار (1/ ص 177/ حديث 110) .

 

قلت: وكل هذه الروايات من طريق محمد ابن أبي حميد وقد ضعفه ابن معين وأبو زرعة وحاتم والنسائي وغيرهم ، وللحديث متابع في مسند أبي يعلي (م 2/ص 60/ حديث 701) ، ولكن سنده ضعيف أيضاً ، وقد تعقب جمع من المحققين المعاصرين  تحسين الحاكم والذهبي وابن حجر بتحقيق نفيس وهم :

 

أ –     العلامة أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد .

 

ب –    العلامة المجدد محمد ناصر الألباني في (السلسلة الضعيفة /م 4/ص 377/حديث 1906) .

 

ج –   العلامة شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند الإمام أحمد .

 

د-     العلامة  أبو إسحاق الحوينـي الأثري في تحقيقه لمسند البزار ( ص 179/ 110) .

 

تعليق مهم :

 

مع أن الحديث ضعيف إلا أن المعنى صحيح ؛ لأن من ثمار الاستخارة السعادة في الدنيا حسب الإكثار منها - وسوف يأتي في ثمارها-، بل فيها ما هو أعظم من ذلك وهو خير الآخرة.

 

 

 

الحديث الرابع : تكرار الاستخارة :

 

عن أنس  tمرفوعاً : ( إذا أهممت بأمر فاستخر ربك سبعاً ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك فإن الخير فيهـ)   حديث ضعيف جــــــــــداً .

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه ابن السني ، وقال النووي في ( الأذكار 169) (إسناده غريب فيه من لا أعرفهم ، وقال الحافظ العراقي([6]):كلهم معروفون ، ولكن بعضهم معروف بالضعف الشديد ، وقال ابن حجر (الفتح 11/187) : (سنده واه جداً) .

 

الحديث الخامس : ما خاب من استخار :

 

عن أنس ابن مالك t قال : قال رسول r (ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد) ( ضعيف جداً ).

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه الطبراني في (المعجم الأوسط/ج 6 /ص 365/ حديث 6627) ، والمعجم الصغير: (ج 2/ ص 175/ 980) وقال : (لم  يروه عن الحسن إلا عبد القدوس تفرد به ولده ).

 

أخرجه ابن شهاب ( في مسنده (2/ ص 7/ 774) من طريق عبد القدوس .

 

ج- الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد /ج 3 /ص 54/997) بسنده عن علي t بدون لفظة (ولا عال من  اقتصد) وفيه مجاهيل .

 

قال ابن حجر: (عبد القدوس ضعيف جداً) وقال (الفتح 11/ 184) : أخرجه الطبراني في الصغير بسند واه جداً) ، وقال  الهيثمي : في مجمع الزوائد/ 8/ 96) : (رواه الطبراني في الأوسط والصغير من طريق عبد السلام بن عبد القدوس وكلاهما ضعيف جداً) وضعفه أيضا الألباني في السلسلة الضعيفة (م 2 /ص 611 ) .

 

المسألة الثانية : شرح حديث الاستخارة - مع بعض الفـوائد-  :

 

قوله : ( كان يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن ) :

 

فيه دليل على الاهتمام بأمر الاستخارة وأن لا يحتقر المسلم  أمراً لصغره أو ظاهر خيره ، فرب أمر  يستخف به فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم ([7])   .

 

فيه دليل على أن إتقان الاستخارة بحاجة إلى تعليم نظري وعملي واجتهاد .

 

ج- فيه دليل على استحباب الإكثار منها في جميع الأمور.

 

قوله : ( إذا هم أحدكم بالأمر ) :

 

فالمقصود بالهم هنا العزم أي عقد القلب على فعل الشيء ، وليس المقصود بالهم الحزن والقلق أو الحيرة والتردد كما يظن كثير من الناس ، فكان ذلك سبباً في قلة الاستخارة أو تركها ويؤكد ذلك المعنى :

 

أ –    لفظة : ( في الأمور كلها ) .

 

ب –   جاء في بعض الروايات ما يبين ذلك وهي: ((إذا أراد أحدكم)) وقد تقدم تخريجه.

 

ج-    وردت أحاديث تبين أن الهم يأتي بمعنى العزم ومنها الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم: ( إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها )) .

 

د- ليس في كلام العرب أن الهم يأتي بمعنى التردد أو الحيرة ، وإنما قد تأتي بمعنى القلق أو الحزن .

 

قوله : ( فليركع ركعتين من غير الفريضة ) .

 

فيه احتراز لصلاة الفجر وبيان عددها وأنها غير واجبة وسوف يأتي التفصيل في الأحكام.

 

قوله : ( اللهم إني أستخيرك بعلمك ) .

 

أستخيرك : أي أطلب منك الخيرة بتيسير هذا الأمر إن كان خيراً لي أو بصرفي عنه إذا كان شراً وبقية الحديث يوضح ذلك .

 

وبعلمك : أي مستعيناً على ذلك بعلمك لأنك أنت العليم .

 

قوله : ( وأستقدرك بقدرتك ):

 

أستقدرك : أي أطلب منك القدرة على فعل المطلوب الذي ستختاره لي بصرف أو تيسير .

 

بقدرتك : أي مستعيناً على ذلك بقدرتك لأنك على كل شيء قدير .

 

قوله: ( وأسألك من فضلك العظيم ) :

 

أي أسألك تعيين الخير وتبيينه([8]) وتقديره وتيسيره وإعطاء القدرة لي عليه تفضلاً منك وليس لاستحقاقي لذلك ولا لوجوب عليك.

 

7- قوله : (فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب) :

 

فيه تعليل وتوكيد فأنا أستخيرك لأني لا أقدر على شيء إلا بحولك وقوتك ، ولا أعلم شيئاً إلا بعلمك وإلهامك ، فأنت الذي تعلم الغيب .

 

8- قوله: (اللهم  إن كنت تعلم )

 

هذا النوع من الترديد يسميه أهل البلاغة تجاهل العارف ومزج الشك باليقين ([9])  لاستعطاف المنعم عندما يكون المرء واثقاً من إخلاصه ،كقول ابن عمر y (اللهم إن كنت تعلم فيّ خيراً فأرني رؤيا) ومثله أيضاً حديث أصحاب الغار عندما انطبق عليهم فدعوا بصالح أعمالهم وكان من جملة دعائهم (فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك...) أخرجهما البخاري وغيره .

 

9- قوله : ( أن هذا الأمر )

 

يسمى حاجته هنا ومثاله (اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فلانة بنت فلان) أو (سفري إلى كذا) أو (( شراء كذا وكذا )) .

 

10- قوله: ( خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله ) .

 

 

 

أي ما هو أصلح لي في ديني ودنياي ويوم الحساب ،ومنهم من ذهب إلى أن قوله : (أو قال عاجل أمـري وآجـله )هي شك من الراوي حيث جاءت رواية في المستدرك (ج 1/ص 458/حديث 1181) وصحيح ابن حبان (ج9 /ص 348/حديث 4040) من غير طريق عبد الرحمن بن أبي الموالي عن جابر بلفظة ( في ديني ودنياي وآخرتي  ) والأفضل أن يقتصر على أحد القولين : ([10])

 

11- قوله: ( فا قدره لي ويسره لي وبارك لي فيه ) :

 

أي أدخله تحت قدرتي ، ويكون قوله (ويسره لي) طلب التيسير بعد التقدير ،وقيل المراد من التقدير التيسير ، فيكون ويسره لي عطفت تفسيريا )([11]) .

 

12- قوله: (إن كنت تعلم أن هذا الأمر) ويسمى حاجته هنا أيضا كالذي تقدم بيانه في الخير .

 

13- قوله : ( شر لي في ديني ومعاشي ....) تقدم مثله.

 

14- قوله : ( فاصرفه عني واصرفني عنه ) .

 

الطمأنينة وصلاح البال في المسألة المستخار فيها لا تكتمل إلا بالأمرين معاً فكم من شر مصروف  عنك وما أنت بصارف نفسك عنه .

 

15- قوله: ( واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به).

 

لأنه إذا قدّر له الخير ولم يرض به كان منكد العيش آثما ًبعدم رضاه بما قدره الله له مع كونه خيراً له ([12])  وفيه دليل على أن الرضا يكون بعد القضاء ، أما إذا كان قبله فهو تفويض أو عزم على الرضا.

 

 

 

تنبيه مهم :

 

الألفاظ الواردة في الدعاء كإثبات العلم والقدرة والفضل العظيم للخالق I ثم نفي العلم والقدرة والحول والقوة عن المخلوق وطلب خير الأمرين تجعل  الاستخارة مبنية على التوكل ، وبالتالي يلزم المستخير التوكل عليه_ سبحانه_ في مسألته ومن ثم سيكفيه الله هذا الأمر في الدنيا قبل الآخرة  وهذا هو جوهر الفرق بين الدعاء المحض والاستخارة .

 

المسألـــــــة الثالثة : أحكامهـــــا

 

صلاة الاستخارة مبنية على كثير من الأعمال القلبية وأهمها على الإطلاق صدق النية في طلب الخيرة عن إتباع([13]) وليس بالابتداع ،والتوكل على المولى سبحانه والرضا بما اختاره الله  وغيرها من الأعمال التي سيأتي ذكرها في أبوابـها، أما بقية الأحكام فكثير منها مبني على الأعمال الظاهرة الفقهية ومعظمها فيها سعة ؛ فلهذا لم أذكر الأقوال والاختلافات الفقهية الفرعية من باب التيسير على القارئ فنحن أمة مأمورة بالتيسير ما أمكن إلى ذلك سبيلا .

 

 

 

 

 

هي عبارة عن ركعتين من غير الفريضة ،ولو من السنن  الراتبة أو تحيه المسجد ؛ بشرط أن ينوي ذلك ، وتجوز في أي وقت من الليل أو النهار ، والأفضل أن تكون في غير أوقات النهي إلا إذا خشي فوات الأمر .

 

تسن لمن أراد أمراً من الأمور المباحة وليس كما قد يُظن بأنها تسن فقط عند التباس الخير أو وجه الصواب،أو التردد بل تزداد أهميتها والحاجة إليها عند ذلك ، ومما يؤكد ذلك :

 

 

 

ألفاظ الحديث كقوله: (في الأمور كلها) ( إذا أراد أحدكم أمراً) وهذا يشمل الحقير والجليل والخفي والظاهر.

 

معرفة الخير والشر الظاهر أمر نسبي ، ولا يعلم الغيب إلا علام الغيوب وألفاظ الدعاء تدل على ذلك .

 

ج-  ما تقدم ذكره عن أهميتها - راجع السلسلة الأولى والثانية – وهي موجودة في موقع صيد الفوائد بعنوان سلسلة مسائل مهمة في صلاة الاستخارة .

 

د-   فهم السلف لها  وتعاملهم معها – راجع السلسلة السابعة ، وهي موجودة في موقع صيد الفوائد  بعنوان :أتحب أن تكون ملهما ؟!.

 

3) لا يجوز البتة الاستخارة في شيء ظاهره حلال وباطنه حرام ، مثل شراء حاسوب _ كمبيوتر_ ونيتـه أن يستخدمه في أشياء محرمة ،فالأعمال بالنيات([14]) ،ولكن إذا غلبه الهوى فليشتره من  غير استخاره ، وليكثر من الدعاء والاستغفار ،لعل الله يمن عليه بعد ذلك بتوبة وتصحيح نية، فصلاة الاستخارة لتجديد الإيمان ، وليس لتبديد الإيمان ، وهذه جزئية مهمة لمن أراد يتقن الاستخارة ويمن الله عليه بثمارها .

 

فلهذا لا يجوز الاستخارة قبــل معرفة الحكم الشرعي مسبقا لهذه الاستخارة أو تلك ، وذلك من خلال السؤال ، إذا لم يكن يعلم الحكم  ، قال سبحانه :] فَاسْئَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ[ [ النحل :43]، وهذا الأمر على سبيل الوجوب ، وحتى لا يتقـوّل على الله بعد ذلك بغير علم بأن المولى سبحانه قد اختار له هذا الأمر أو ذاك .

 

 

 

4) تسن أيضاً في الأمور الواجبة أو المستحبة عند التعارض أو التخيير فيما كان زمنه موسعاً ، مثل بيان خصوص الوقت كالحج والعمرة في هذا العام لاحتمال عدو أو فتنة ، وكالنهي عن منكر في شخص متمرد يخشى بنهيه حصول ضرر ؛ فإن خشي ضرراً عاماً فلا ينكر ، وإن خشي على نفسه فله الإنكار ولكن يسقط عنه الوجوب([15]) .

 

وكذلك عند ترجيح المصالح والمفاسد  وخصوصا في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن ، وعادة ما يبنى ترجيح المصالح والمفاسد على تأويل النصوص الشرعية التي قد يكون في ظاهرها تعارض ، والحقيقة أنه لا تعارض فيها إنما هو الفهم ، ولهذا كثيرا ما يخطئ الناس في القياس والتأويل ، ومن ثم قد تجر من ورائها الفتن العظيمة ، وهذا مما يجعل الاستخارة  في مثل هذه الأمور من أفضل الوسائل على الإطلاق ومن دون منازع .

 

وكذلك يكاد يوجد التعارض في كل أمر مستحب نتيجة للحاجة إلى الاطمئنان على إخلاص النية والخوف من عدم إخلاص النية ،فـالأول مطلب عقلي وشرعي ؛ حتى لا يصير ضحية للوسواس وترك العمل الصالح لأجل الناس ، والثاني  أيضا مطلب شرعي ، لأن الشرك الخفي له صور كثيرة جدا وخصوصا تلك الصور التي تلازم المسلم أثناء تحقيق الذات واعتقاده بأنه ميسر للدعوة ونحو ذلك .وقد تم بسط هذه المسألة في الكتاب – النسخة المنقحة - .

 

 

 

5)  المحرم والمكروه لا يستخار في تركهما ، إلا في حالة الإكراه عند التخيير بين أمرين أو أكثر ، بشرط أن يغلب الظن على المكره تساوي الضرر وإلا فيجب أن يختار أخف الضررين ، وكل ذلك وفقا لضوابط الإكراه فليرجع إليها ، وإنما ذكرت ذلك من باب التنبيه .

 

6)  يكون الدعاء بعد التسليم لقوله: ( ثم ليقل ) فكلمة ( ثم ) تدل على التراخي ، ويستحب أن يرفع يديه عند الدعاء لعموم الأدلة الواردة في ذلك ، ولم يرد ما يخالف ذلك على وجه الخصوص .

 

7) يستحب قبل الدعاء بدعاء الاستخارة أن يحمد لله  ويمجده ؛ لعموم الأدلة الواردة في ذلك ، وقد دل الحديث الثاني على ذلك .

 

8) لم يرد أثر باستحباب قراءة سورة معينة بعد الفاتحة ،وهذا لا يمنع من مشروعيه ذلك كبقية النوافل لمن أراد ،وفي الأمر سعة .

 

ليس من شرط الاستخارة أن يرى المستخير رؤيا في منامه كما يعتقده كثير من العوام، بل هي قرينة كبقية قرائن  التيسير أو الصرف التي تم ذكرها في السلسلة الثالثة .

 

10) لا يجوز بعد الاستخارة الدعاء بتيسير أمر بعينه ؛ لأنه ينافي طلب الخيــرة ، ولكن عليه الإكثار من الدعاء بأن يختار الله له خير الأمرين .

 

11) يجوز الاستخارة بالدعاء في حال تعذر الصلاة كالحائض والنفساء والخوف من فوات الأمر ، فإذا زال المانع قبل أن ينقضي الأمر ، فالأفضل  أن يعيدها مع الصلاة  إذا كان قلبه لا يطمئن إلا بذلك ، فالسلامة لا يعدلها شيء ، ويجوز الاستخارة بالدعاء أيضاً عند الحاجة إذا كان من المكثرين منها ويؤيد جواز الاستخارة بالدعاء :

 

أن الاستخارة مبنية على التوكل والصلاة سبب في تهيئة النفس حتى  يستحضر القلب بدء العمل بمقتضى التوكل ولوازمه _كالحاج عندما يتهيأ للحج بالإحرام _ ولو كانت الصلاة شرطاً؛ للزم من ذلك عدم لزوم  التوكل _ وما يلزم عنه_ في الاستخارة ؛لأن التوكل سيكون حينها من لوازم الصلاة وليس في لوازم الدعاء، أي أن الصلاة ليس فيها ما يدل على لزوم التوكل .

 

جاءت روايات أخرى عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود y وذُكِر فيها الدعاء دون تقييد بالصلاة وهي بمجموع طرقها ترقى إلى الحسن ([16]) .

 

جاءت بعض الآثار تدل على ذلك كقصة دفن الرسول rوعن الإمام مالك وغيره والتي قد تقدم ذكرها في السلسلة السابعة ، وهذا يساعد على الإكثار منها ،وهو الأهـــــــــــم طالما كانت بلوازمها، فالصلاة تهيئة للنفس والقلب لطرق باب الملك سبحانه .

 

 

 

د- نص بعض الفقهاء على جواز ذلك _ أي عند التعذر _ مثل النووي في (الأذكار :ص 151 )وابن حجر الهيثمي في (المنهاج القويم 1 /287) وغيرهما ، ولم أقف على أحد منع ذلك_أي عند التعذر أو الحاجة _ .

 

هـ الحاجة إليها دائمة ومتكررة ولا غنــــــــى لأي مسلم عنها في أي حال من الأحوال ، مما يساعد على الإكثار منها دون الشعور بالتكلف ؛وهذا هو الأهم .

 

12) بعد انقضاء الأمر لا يجوز البتة الشك من صحة الصلاة ، لأن ذلك من وسواس الشيطان وقد يكون دليلا على ضعف الاعتقاد والتوكل  بل يلزمه الرضا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى شرعي وإلا لا يعد مستخيرا. وهذا ما يجعل الاستخارة بحاجة إلى إتقان .

 

13) صدق النية في طلب الخيرة وأن تكون الاستخارة نابعة عن اعتقاد جازم بأن الله سوف يختار له خير الأمرين ، وإلا لا يعد مستخيرا.

 

14) أن لا يكون هناك هوى شديد قبل الاستخارة للفعل أو الترك ، إلا إذا كان متقنا لها وسوف يعطي الاستخارة حقها .

 

15) الأصل عدم تكرار  الاستخارة في الموضوع الواحد إلا في حالات معينة وقد تم التفصيل في ذلك – راجع السلسلة الثالثة -.

 

16) ليس من الصحيح الاعتماد على انشراح الصدر للفعل أو الترك بعد الاستخارة ، بل هو قرينة كغيره من بقية القرائن ، وقد تم التفصيل في ذلك – راجع السلسلة الثالثة -.

 

17) التبري من الحول والقوة والعلم والقدرة البشرية وإثباتها للمولى سبحانه حتى لا يكله إلى نفسه فيهلك ، فالإنسان مهما بلغ من ذلك ؛ فهو مخلوق ضعيف وجهول وغير ذلك من الصفات التي ذكرها المولى سبحانه .

 

18) لا تُـقدَم الاستشارة على الاستخارة ، بل العكس هو الصحيح ، فمهما بلغ الإنسان من العلم والخبرة والحكمة فهو لا يعلم الغيب المطلق ، وقد قال المولى سبحانه لنبيه r ] قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّـوءُ[(( الأعراف :188)) .

 

 

 

19) إذا استخار العبد في أمر ، وكان هذا الأمر بيد شخص ويعلم([17]) المستخير مسبقا بأنه لن ينصفه وسوف يتعنت له ،فحينئذ يلزمه بذل الجهد المستطاع كالإقناع وتقديم شكوى أو تظلم ونحو ذلك ، إلا إذا صار يعتقد بأن ذلك من الصرف ، فالاستخارة ليست ذريعة للسكوت والرضا عن الظلم ، وغيرها من المخالفات الكبرى ، وهذا ما ترفضه الشريعة جملة وتفصيلا .

 

بل من لوازم وعلامات وثمار إتقان الاستخارة التوكل على الله و التحرر من الجمود القيود التي تفرضها العادات والتقاليد الجاهلية المعاصرة ،وإلا فلا يعد صاحبها مستخيرا أو حتى صادقا في طلب الخيرة إلا إذا كان يجهل أحكامها ولوازمها .

 

فكما أن ثمار الاستخارة عظيمة فمسؤوليتها أيضا عظيمة([18])،  فليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله r آية ولا حديث يأمر العباد أن يرضوا بكل مقضي مقدّر من أفعال العباد حسنها وسيئها([19]) .

 

أما إذا استخار في أمر وهذا الأمر بيد غيره ، ثم طرأ التعنت ولم يكن موجودا من سابق ، وإنما طرأ بسبب الفعل وردود الفعل ، - مثل الفعل وردة الفعل نتيجة للروتين الإداري – فمثل ذلك قد يعد من الصرف ، وعليه هنا مراقبة اعتقاده ، أي هل قد حصل الصرف أم لا ؟.

 

 

 

20) لا يستخير أحد عن أحد إلا إذا كان الأمر يتعلق بأكثر من واحد ، مثل استخارة الأب في زواج ابنته من فلان أو فلان ، وعند التعارض بين استخارة الأب والابنة مع وجود الإتقان ،لا تقدم استخارة أحدهما على الآخر إلا بعد أن يبذل كلاهما أو أحدهما ما لديه من جهد مستطاع كالسؤال والمشاورة ونحو ذلك  للوصول إلى توفيق .

 

وإذا تم ذلك وفقا للضوابط الشرعية فلاشك سوف يوفق الله بينهما قال تعالى ] إِن يُرِيدَآ إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً [ [النساء :35 ]  ،فإذا لم يحصل التوفيق ، دل ذلك على تغير نية أحدهما ، فحينئذ يتم اللجوء إلى القاضي ،ولا يجوز للابنة الاستسلام لتعنت أبيها إذا  كانت متقنة للاستخارة وتعتقد بأن الأمر ميسر لولا عضل أبيها لها ، وإن كان قد استخار، ، وحتى لا يحصل تقول على المولى سبحانه وتعالى بأنه قد اختار هذا الأمر أو ذاك ، ولم يحقق بعد ما يلزم منه أو منها .

 

أما إذا كانت الاستخارة تتعلق بطرف واحد فتلزمه لوازم الاستخارة كالرضا وغير ذلك مثل شاب استخار في زواج أو عمل أو سفر ونحو ذلك ولم يوفق .

 

 

 

21) إذا تنوعت الأمور في استخارة واحدة ،مثل هل الخيرة في الدراسة في كلية كذا أو كلية كذا ؟  فالأفضل أن يستخير في كل أمر على حدة ، ليطمئن قلبه وحتى لا يراوده تلبيس إبليس بأنه استخار فقط على كذا ولم يستخر على كذا ثم يسلبه السكينة والرضا ويجعله في حيرة .

 

 

 

22) إذا كان من المكثرين من الاستخارة يجوز له الاستخارة ولو قبل فترة ،وخصوصا في المسائل التي  تكون علاقة باستخارات أخرى ، وهذا يعود إلى كثرة الأفكار التي ترد إلى الذهن من كثرة الاستخارات ، أي أنها مرحلة متقدمة يكون العبد قد وصل إليها بفضل من الله ومنّـه .

 

 

 

23) ينبغي لمن لا يحفظ دعاء الاستخارة القراءة من كتاب أو يكتبه ، وإذا كان لا يجيد القراءة ينبغي حفظه عن ظهر قلب ، وفي الحديث إشارة إلى ذلك حيث  قال جابر t ((كان رسول r  يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن )).

 

 

 

24) ينبغي بعد الاستخارة بركعتين أن لا يكون هناك فاصل طويل كالكلام بين الصلاة والدعاء وإن كانت كلمة ((ثم )) التي وردت في الحديث تفيد التراخي ولكنها لا تفيد التراخي المطلق ،فليس  هذا من آداب قرع باب الملك الجبار سبحانه . كما أن مثل هذا الفاصل قد يضعف درجة التوجه ومن ثم قد يصعب عليه التمييز لقرائن التيسير أو الصرف ، وإن كانت الاستخارة في الأصل مبنية على التوكل . ولكن ضعف في التوكل وضعف في التوجه لاشك سيؤثر على تمييز قرائن التيسير أو الصرف. وقد تقدم ذكرها في السلسلة الثالثة .

 

 

 

25) لا يجوز عند إفتاء المستخير الاستدلال بقوله تعالى :] وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ[[ البقرة :216 ]، فهذا يتنافى كلية مع لوازم الاستخارة وسيأتي ذكرها في مسألة الرضا.

 

 

 

المسألة الربعة : استخارت شركية وبدعية

 

وقفت مؤخرا على استخارات يقال عنها بدعية ، و في الحقيقة معظمها أعمال شركية وتدخل في باب الكهانة والشعوذة والتنجيم و الاستقسام بالأزلام، وكنت أرغب أن لا أضيفها ، لأنها ليست من الاستخارة في شيء ، فالاستخارة تكون حصرا للخالق سبحانه ، ويقابلها الاستشارة حصرا للمخلوق ، ثم استخرت فشرح الله صدري لأذكرها ،فلعلها منتشرة في بعض المجتمعات تحت اسم الاستخارة ، وهي([20]) :

 

1)  استخارة السبحة:

 

وصورتها:  أن يأخذ الشخص مسبحة فيتمتم عليها بحاجته، ثم يحصر بعض حباتها بين يديه، ويعدها، فإن كانت فردية عدل عما نواه، وإن كانت زوجية، اعتبر ما نواه خيراً وسار فيه.

 

2)  استخارة الفنجان:

 

يعملها عادة غير صاحب الحاجة، ويقوم بعلمها رجل أو امرأة، وطريقتها، أن يشرب صاحب الحاجة القهوة المقدمة إليه، ثم يكفئ الفنجان، وبعد قليل، يقدمه لقارئه، فينظر فيه، [ بعد أن أحدثت فضلات القهوة به رسوماً وأشكالاً مختلفة، شأنها في ذلك شأن كل راسب في أي إناء إذا انكفأ ]، فيتخيل ما يريد، ثم يأخذ في سرد حكايات كثيرة لصاحب الحاجة، فلا يقوم من عنده إلا وقد امتلأت رأسه بهذه الأسطورة.

 

3)  استخارة المندل:

 

وطريقتها: أن يوضع الفنجان مملوءاً ماء على كف شخص مخصوص في كفه تقاطيع مخصوصة، ويكون ذلك في يوم معلوم من أيام الأسبوع، ثم يأخذ صاحب المندل (العراف) في التعزيم والهمهمة بكلام غير مفهوم وينادي بعض الجن ليأتوا بالمتهم السارق.

 

4) استخارة الرمل:

 

وطريقتها أن يخطط الشخص في الرمل خطوطاً متقطعة ثم يجري بعدها طريقة حسابية معروفة لديهم، فينتهي منها إلى استخراج برج الشخص فيكشف عنه في كتاب استحضره لهذا الغرض، فيسرد عليه حياته الماضية والمستقبلية بزعمه، وهذا الكلام بعينه الذي قيل له، يقال لغيره ما دام برجاهما قد اتفقا.

 

استخارة الكف:

 

لا تخرج عما مضى، فيعمل قارئ الكف مستعملاً قوة فراسته مستعيناً – بزعمه – باختلاط خطوط باطن الكف على سرد حياة الشخص المستقبلية..

 

6)  استخارة المصحف:

 

وصورتها أن يفتح المستخير المصحف مباشرة دون تخير أو انتقاء ثم ينظر ما نوع الآية التي فتح عليها، فإن كانت آية رحمة ونعمة استمر فيما عزم ومضى، وإن كانت آية عذاب أو نقمة أو نار ترك وأحجم عما نواه.

 

7)  استخارة الورق:

 

وهي لعبة الورق وتسمى " البلوت أو الكوتشينة" فهي أيضاً من المبتدعات.

 

8) الاستخارة المعتمدة على اسم الداخل:

 

وطريقتها انتظار من يدخل ليشتق من اسمه الفعل أو الترك، فإن كان الداخل حسن الاسم فعل ما أراد ونواه، وإن  كان فيه شدة أو غلظة كحرب أو جمر ترك ولم يقدم على ما نوى ([21]).

 

9)  الاستخارة بواسطة الأبراج:

 

وقد انتشرت هذه الطريقة في آخر الزمان، لأن هذه الأبراج تعرض على صفحات الجرائد، ويقوم كل شخص بمعرفة برجه ويومه الذي ولد فيه، ثم ينظر ماذا مكتوب فيه، فيجد مثلاً: ستواجه مشاكل وحوادث وصعوبات، لا تفعل كذا أو لا تسافر، وهكذا إلى غير ذلك من المحرمات والخرافات التي تتعلق بالكهانة والتنجيم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبــــحث الثاني

 

عناصــــــــر عامــــة لإتــــــقانها

 

 

 

المسألة الأولى : العلم والعمل والاجتهاد

 

أولاً : العلــــــــــــــــــــــــــــم

 

أ- بالعلم يُنال الهدى وقد تعبّد الله هذه الأمة بالعلم والاتباع على بصيرة ؛ فقال سبحانه وتعالى :  ] قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[ [يوسف:108] .

 

ب- العلم مصحح للنية المصححة للعمل ([22]) ، ويثمر إذا كان هناك هدف.

 

ج- جاءت نصوص شرعية كثيرة تبين أهمية وفضل العلم ، ومن جملة ذلك نصوص تبين أهمية تعلم القرآن وتعليمه ، وجاء في حديث الاستخارة قياس يبين حرص الرسول r على تعلم الاستخارة وتعليمها وشدة اعتنائه بذلك ويتضح ذلك من قول جابرt : ((كان رسول الله r يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن)).

 

وهنا يبرز سؤال مهم إذا كان اليوم تعلم القرآن يحتاج إلى مدارس وجامعات وعلماء فأين حظ الاستخارة اليوم من هذا القياس ؟ ولو بمقدار عشر العشر –1%-! ، فنحن أمام خيارين :

 

إمَّــــــــا أن هذا القياس غير صحيح لأن الاستخارة لا تحتاج إلى كل ذلك .

 

وإمـــــــا أن نجتهد لسد هذا النقص حتى نوفي هذه العبادة حقها ونتقنها وننال ثمرتها .فهل من مشمر ليسن سنة حسنة ؟.

 

د- جاء في الحديث ((إنما العلم بالتعلم))([23]) والتعلم يشمل كل الجوانب النظرية والعملية كالتمرين والتدريب والتأهيل وغير ذلك، وبعد ذلك يحصل الإتقان ولهذا شُرع تعليم الصغار الصلاة قبل سن التكليف.

 

ثانيـــــــــاً: العمــــــــل

 

أ- هو الثمرة الحقيقية للعلم وقد جاءت نصوص شرعية كثيرة مقرون فيها الإيمان بالعمل الصالح ، وما ذلك إلا ليدل على أهمية العمل الذي لا يحصل الإتقان إلا به ، والعمل ينقسم إلى قسمين : عمل القلب وعمل الجارحة.

 

ب- كل عمل يشترط أن تكون فيه نية خالصة وتصديق ([24])  ، وإذا لم يكن نابعاً عن محبة أو رضا أو خشية أو رغبة قلـّت الثمار المحسوسة لهذا العمل، وبالتالي تفتر الهمة ويدبُّ الكسل والتهاون إلى أن يصبح العمل عادة أكثر مما هو عبادة ، وبذلك تقـــل المراقبة - أي أن تعلم أن الله يراك - ، وأنَّـــى له بعد ذلك أن يحصل له الإتقان لأي عبادة ؟!.

 

ج- بالعمل يزداد العبد يقيناً وخبرة ، ومن ذلك الاستخارة ففي البدء قد يهابــها العبد أو قد ينتابه شعور غير مألوف ([25]) إذا قيل له: ((لماذا لا تستخير؟)) ((لماذا لم تستخر في كذا وكذا؟)) ((استخر في كذا)). ونحو ذلك ، وما ذلك إلا من كيد الشيطان وتخويفه وتثبيطه وقعوده على الصراط المستقيم ؛ ولكن ذلك سرعان ما يزول بالإخلاص والدعاء والمجاهدة ؛ لأن الاستخارة مبنية على التوكل ، والتوكل يمنع من تسلطه ؛ فلهذا فهو يحاول بكل ما أوتي من مكر أن يستفزه بصوته ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يبقى تحت سلطانه .

 

ثالثــــاً: الاجتهــاد

 

أ- الأصل أن الإنسان إذا اجتهد في عمل أتقنه، وهذا مطلب شرعي يحبه الله ويرضاه وفي الحديث:((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه))([26])، وما لا يتم الواجب أو المستحب إلا به فهو واجب أو مستحب، وصلاة الاستخارة فيها من عمل القلب الشيء الكثير وفيها من قرائن التيسير والصرف ما يجعلها بحاجة إلى مزيد من التعلم والتجربة لاكتساب الخبرة اللازمة لإتقانها مثل تعلم القرآن .

 

ب- الاجتهاد يحصل بسببين لهما قاسم مشترك واحد وهو الحافز :

 

الأول : أن يكون ناتجاً عن عمل فيرى ثمرته .

 

الثاني : أن يكون ناتجاً عن وضوح الرؤية لهدف معين يطمح للوصول إليه .

 

ج- إذا اجتهد العبد في عبادة ولم يـــــــرَ ثمرتها فليراجع نفسه لمعرفة الخلل وعادة ما يكون في النية ودرجة الإخلاص والتصديق بصدق الموعود وعليه بكثرة الدعاء والاستغفار.

 

قال شيخ الإسلام : ((مجموع الفتاوى 11/390)).

 

(( وإذا اجتهد واستعان بالله ولازم الاستغفار والاجتهاد ؛ فلا بد أن يؤتيه الله من فضله ما لم يخطر ببال ، وإذا رأى أنه لا ينشرح صدره ولا يحصل له حلاوة الإيمان ونور الهداية فليكثر من التوبة والاستغفار وليلازم الاجتهاد بحسب الإمكان فإن الله يقـول : ] وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[ [العنكبوت :69 ] ، وعليه بإقامة الفرائض ظاهراً وباطناً ولزوم الصراط المستقيم مستعيناً بالله متبرئاً من الحول والقوة إلا به)).

 

د- الإتقان لأي عبادة هو نتيجة للاجتهاد فيها ، وعلامتــه أن تجد ثمارها التي من أجله شُرِعت مثل التقوى للخروج من الشدة والحصول على الرزق ، والتوكل للكفاية .

 

هـ_ يلزم من الاجتهاد الأخذ بكل أسباب اعتقاد الإصابة كالمشاورة والسؤال.

 

 

 

المسألة الثانية : أهمية فقه علاقة تسلسل الأسباب بالنتائج

 

من حكمة المولى سبحانه وتعالى أن جعل للأشياء أسباباً ونتائج تبنى عليها دلالات ويمكن تلخيصـها بالآتي :

 

لكل شيء سبب .

 

لكل سبب نتيجة ، وكل نتيجة هي سبب للنتيجة التي بعدها إلى أن نصل إلى آخر نتيجة .

 

لكل نتيجة سبب  وكل سبب هو نتيجة للسبب الذي قبله ؛ إلى أن نصل إلى أول سبب .

 

معرفة السبب الحقيقي يساعد على وضع الحلول المناسبة والدقيقة .

 

مثال مع معطيــــــــات:

 

طالب مجتهد ومستقيم ومحافظ على الصلوات بوقتها إلا صلاة الفجر ، وعندما تسأله لماذا لا تصلي الفجر بوقته ؟ يخبرك بأنه من زحمة الدراسة يذاكر حتى وقت متأخر([27]) من الليل، فلا يستطيع بعدها الصلاة في وقتها ، وفي نهاية العام الدراسي دخل الامتحان ثم كانت النتيجة الفشل!

 

 

 

تقريــــر وتحليــــل:

 

نتيجة لحرص المدرَسة على أبنائها قررت تشكيل لجنة لمعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشل طالب مجتهد معروف عند جميع هيئة التدريس ، فخلصت إلى الآتـي :

 

 

 

أن الطالب دخل قلقاً من أول يوم في الامتحان ؛ لأنه كان يريد الحصول على امتياز، حتى يحصل على منحة ومن ثم وظيفة مرموقة لتأمين حياة كريمة ..

 

هذا القلق كان سببــاً في اضطرابه ، فمنعه من التركيز الجيد ، فشوش ذهنه فلم يستطع الإجابة بالشكل المطلوب.

 

في اليوم الثاني أصبح مضغوطاً نفسياً بشكل أكبر ، لأنه يريد أن يعوض عن اليوم الأول فتكرر الأمر فحصل ما وصل إليه .

 

كشف التقرير صحة ما ذكره الطالب منذ اليوم الأول ، وذلك بعد الرجوع إلى أول مادة امتحنها ، حيث وُجد بأنه قد فشل فيها .

 

 

 

تحليل التحليل :

 

قد يبدو هذا التقرير في الوهلة الأولى منطقياً جداً ولكن بعد مراجعته بدقة تبـيّن أن اللجنة لم يكن فيها متخصص نفســي شرعـــي([28])، فراجع التقرير ومعطياته فخلص إلى الآتـي :

 

أن هذا القلق كان نتيجة لسبب آخر وهذا السبب هو رغبته في الحصول على امتياز – وقد تقدم ذكره -.

 

السعي لتأمين حياة كريمة يــجب أن لا يكون سبباً للتقصير في الواجبات الشرعية لأن ذلك يدل على تقديم العاجلة على الآخرة ، وهذا يجعل المسلم تحت الوعيد والمشيئة الإلهية .

 

 

 

تقديم العاجلة على الآخرة يؤدي إلى ضعف الإيمان ، وضعف الإيمان يؤدي إلى ضعف التوكل ([29]) ، وضعف التوكل يؤدي إلى عدم الرضا ، وعدم الرضا إلى عدم الطمأنينة ، وعدم الطمأنينة تؤدي إلى عدم السكينة ، وعدم السكينة تؤدي إلى فقدان صلاح البال ، فتصبح الحياة ضنكا في ضنك .

 

وقفــــة سريعة :

 

الكل متفق على أن القلق كان سبباً مباشراً للنتيجة المؤسفة التي وصل إليها ذلك الطالب المجتهد ، فكانت الحصيلة النهائية أن كل سبب جر نتيجة مباشرة ، وكل نتيجة مباشرة كانت سبباً مباشراً لما بعدها من نتيجة .

 

القلق والاكتئاب أصبحا داء العصر وقد فشل ([30]) الغرب رغم جهودهم الحثيثة في العلاج أو الوقاية منهما ؛ وذلك مصداقاً لقوله تعالى : ]  وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى [ [طه: 124].

 

كيف يمكن الحصول على معونة المولى سبحانه وتعالى وهو مخالف له ؟ أليس إن وفّق وهو مخالف له لن ينتبه للذنب الواقع فيه ؟ أليس إن وفق قد يزداد مخالفة له ظناً منه بأنه راضٍ عنه ؟ أليس المولى هو القائل :] فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ  [. [الزلزلة: 7-8] وهذا ليس حصراً على الآخرة بل والدنيا أيضاً.

 

كيف يمكن الحصول على الطمأنينة والسكينة التي هي أس للوقاية من القلق وما ينتج عنه ؟ فما بالك إذا كان مصاحباً له ضعف في الإيمان والتوكل والرضا ، كل ذلك سيتم تفصيله في عنوان أعمال قلبية ملازمة للاستخارة.

 

تنبيه على تلبيس إبليس :

 

قد يقول قائل هناك أناس كثيرون أقل استقامة ولا يحصل لهم ذلك ، بل ناجحون في دراستهم وأعمالهم ، فلماذا هذا التلازم  ؟

 

الإجابــة :

 

من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد r رسولاً ، فقد لزمه إتباع الأسباب ليجد ما وعد به الشارع الحكيم ، ويجب أن نفهم حكمة الباري في الوعد والوعيد ويمكن تلخيصها بالآتــي :

 

يعطي المولى سبحانه وتعالى الدنيا مَنْ يحب ومَنْ لا يحب ، ولا يعطي الآخرة إلا مَنْ يحب .

 

المصائب في الدنيا إما أن تكون عقوبة أو ابتلاءً ، فالعقوبة : فيها تكفير للذنوب أو تنبيه للرجوع إلى الحق أو عبرة للآخرين ، أو كل ذلك، والابتلاء فيه رفع للدرجات أو تمييز للخبيث من الطيب، أو كلاهما.

 

إعطاء الله العبد من الدنيا على معاصيه لا يدل على أنه راضٍ عنه ، بل قد يدل على أحد أمرين أو كليهما :

 

قد تكون له أعمال صالحة ، فيريد الله أن يعجّل له حسناته في الدنيا ؛ حتى لا يكون له نصيب في الآخرة ، فالله لا يظلم أحداً مثقال ذرة ، سبحانه .

 

قد يكون من الاستدراج حتى إذا أخذه لم يفلته وفي الحديث الصحيح عن عقبة t قال: قال رسول الله r :((إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب ، فإنما هو استدراج ثم تلا رسول الله r :]  فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُواْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ  [ [الأنعام: 44]. أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني وحسنه العلامة المحقق شعيب الأرناؤوط .

 

الخلاصة :

 

ينبغي ربط الأسباب بالنتائج ربطاً شرعياً وفقاً لتسلسلها ؛ حتى نستطيع أن نعبد الله على بصيرة وستظهر أهمية هذه المسألة بوضوح أكثر في المبحث التالي.

 

مثال ثان:

 

مما هو معلوم لدى طلبة العلم أن الجهل والخطأ هما عذران يُرفع بـهما الإثم ومع ذلك إذا تأملنا حديث ((ويل للأعقاب من النار([31]))) فسوف يبرز سؤال مهم يؤكد أهمية فهم العلاقة التسلسلية للأسباب والنتائج: لمــاذا لم يعذرهم الرسول r بالجهل أو الخطأ بل توعدهم بذلك الوعيد ؟

 

الإجابـــــة :

 

بعد تتبع ألفاظ الحديث نجد  أن عدم إسباغ الوضوء ناتج عن سبب واحد وهو الاستعجال ، فعن عبد الله بن عمرو قال رجعنا مع رسول الله r من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر فتوضئوا وهم عجال فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء فقال رسول الله r ((ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء))([32]).

 

والشاهد : من ذلك أن الرسول r كان عنده ربط دقيق للأسباب المباشرة وما ينتج عنها، ويتمثل ذلك في معالجة السبب الحقيقي الذي أدى إلى هذه النتيجة وهي العجلة ، فالمسلم مأمور أن يأتي الصلاة وعليه السكينة والوقار ، فمخالفة هذا الأمر أدى إلى الاستعجال ؛ والاستعجال أدى إلى ترك واجب شرعي هو شرط لعمل آخر –الصلاة ـ.

 

وهذا معلوم عند الفقهاء والأصوليين من ترك واجباً أو فعل محرماً جهلاً ؛ وكان سببه المباشر تقصير في مطلب شرعي كان بإمكانه أن يؤديه فلا يعذر ؛ ومثاله : رجل كان باستطاعته أن يتعلم الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها ولكنه لم يفعل  .

 

المبـــــحث الثالث

 

أعــــمال وثمــــار قلبيــــة ملازمــــــة لها

 

 

 

المسألة الأولى: توضيحات وتأصيلات

 

مما هو معلوم في عقيدة أهل السنة أن أعمال القلب تتفاوت من شخص إلى آخر وتتداخل مع بعضها بعضاً ، وتؤثر على بعضها بعضاً سلباً أو إيجاباً ، فينتج عنه ([33]) في النهاية ضعف أو قوة في الإيمان ، فلهذا سنذكر في هذا الباب أهم الأعمال والثمار القلبية الملازمة لها والتي تساعد على إتقان الاستخارة، وذلك من خلال معرفة العلاقة التي بينها وما ينتج عنها ، وقبل البدء في تفصيلها لابد من توضيحين.

 

التوضيح الأول :

 

لا يلزم من حسن أعمال القلب في الأمور الأخرى أن يكون حسناً أيضاً في الاستخارة والعكس صحيح- وإن كان ينبغي أن يكون هذا هو الأصل- وذلك لعدة أسباب أهمهــــا :

 

أ-      نوعية المسألة :  راجع السلسلة الثالثة.

 

ب-  نوعية المستخير : راجع السلسلة الثالثة.

 

ج-   درجة صلة العبد بربه عند أي عمل ، وهي الأهم في هذه الفقرة .

 

قال تعالى :  ] فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الْفُلْكِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ  [ [العنكبوت:65].

 

الشاهـــد ([34]):

 

مع أنهم غير مؤمنين به إلوهية بل ربوبية ، إلا أن عملهم القلبي ((الإخلاص في الدعاء)) كان سبباً في نجاتهم ، وكانت أعمال القلوب الأخرى عندهم مفقودة ؛ فإذا كان لا يلزم من فقدان عام أو ضعف عام في أعمال القلب ، أن يكون مفقوداً أو ضعيفاً في كل عمل قلب فحينئذ يتضح بأنه لا يلزم من حسن أعمال  القلب في أمور كثيرة أن يكون حسناً في كل عمل ، وأقصد بها هنا الاستخارة ، أي قد يكون المستخير عنده حسن عام في أعمال القلب ، ولكنه ضعيف في الاستخارة .

 

التوضيح الثاني :

 

لا يلزم من حسن عمل القلب في عمل جارحة واحد أن تكون أعمال القلب حسنة في بقية الأعمال الجارحة والعكس صحيح ومثالــــه :

 

أ- حديث صاحب البطاقة :

 

وهو رجل من هذه الأمة يأتي يوم القيامة ومعه تسعة وتسعون سجلاً من السيئات كل سجل مثل مد البصر ومعه بطاقة فيها الشهادتان فتوزن له أعماله فتطيش السجلات من ثقل البطاقة ([35]).

 

الشاهد : عمله القلبي القوي - الإخلاص واليقين - لم يثمر أعمالاً أخرى لا قلبية ولا جارحة ([36])، ومع ذلك كان حسابه وزناً لا مـنّة، وهذا الفرق يجب أن ينتبه له .

 

ب- صاحب الوصية الجائرة :

 

والشاهد منه :أن رجلاً لم يعمل خيراً قط أوصى أولاده إن مات أن يحرقوه ويذروا نصفه في البر ونصفه الآخر في البحر ، فأمر الله بجمعه ثم قال له: لِـمَ فعلت هذا ؟ قال : من خشيتك وأنت أعلم ، فغفر له ([37]).

 

فمع أنه بلغ من عمل القلب - الخشية - ما بلغ ، إلا أنه لم يثمر أعمالاً أُخرى .

 

ثمار هذين التوضيحين:

 

أن لا يظن المسلم أن هذه الصلاة لا تصلح إلا لصفوة المسلمين ، فهذا من تلبيس إبليس لييأس العبد من روح الله ، فهو قد وعد وتوعد بأن يقعد لنا على الصراط المستقيم ، والله I وعد وتوعد ، فانظر ماذا تقدِّم ؟

 

على كل مسلم أن يستثمر كل طاعة يقدر عليها أو يشعر أنه نشيط فيها ، لكي ينمّي ويقوّي إيمانه من خلالها ، فالأمثلة التي مرت معنا كان أسبابها أعمالاً قلبية واحدة وكانت متنوعة من حيث نوع العمل ونوع الشخص .

 

العمل الأول   :  إخلاص في الدعاء من كافر .

 

العمل الثاني    :  إخلاص ويقين من مسلم .

 

العمل الثالث  :  خشية عظيمة أنتجت عملاً منهياً عنه عُذِرَ صاحبه بالجهل ([38]) .

 

الخلاصة:  كل ما ورد يقودنا إلى أهمية إحياء عمل القلب وألاّ نحقر من المعروف شيئاً.

 

المسألة الثانية: التصديق:

 

هو الاعتقاد وهو شرط لقبول أي عمل؛ فإذا كان المستخير يعتقد اعتقادا جازما أن الله سبحانه وتعالى سيختار له الخير – بصرف شر أو تقدير خير– ستكون النتائج تبعاً لذلك ، ووفقاً للترتيب الآتـي .

 

الإخلاص([39]) ثــم التوكل ثــم الطمأنينة ثم الرضا ثــم السكينة ثم صلاح البال ، وهذه النتائج في الشيء المستخار ، ومن أكثر منها فإن خير الله أكثر وأكبر.

 

وقد يقول قائل كيف أستطيع معرفة حسن هذه الأمور وهي من أعمال القلب ؟

 

الإجابة :

 

من رحمة المولى سبحانه وتعالى وحكمته أنه لم يتـعبدنا بأعمال قلبية لا نستطيع معرفتها أو تمييزها بل وضع لنا علامات تدل عليها .

 

 

 

علامــــــــات حســـن التصديــــــــــــق:

 

تقدم معنا في السابق أن الأسباب تسبق النتائج وكل نتيجة هي سبب للنتيجة التي بعدها ، فلهذا هناك علامات مباشرة وغير مباشرة تدل على حسن التصديق أو ضعفه :

 

ظهور حسن الإخلاص كنتيجة مباشرة لسبب مباشر قبله وهو التصديق ، وقد تقدم أن المولى يستجيب للكافر لقوة إخلاصه مع أن عنده توحيد ([40]) ربوبية فقط ، فكيف إذا كان عنده أكثر من ذلك ؟!

 

ظهور حسن التوكل كنتيجة مباشرة لحسن التصديق حيث لا يمكن تصور حسن توكل في المسألة المستخار فيها مع ضعف في التصديق ، وحسن التوكل أو ضعفه له علامات تدل عليه وسوف نذكرها بإذن الله تعالى في المسألة التالية.

 

ظهور علامات أخرى غير مباشرة لحسن التصديق نتيجة لحسن التوكل ؛ كالطمأنينة والرضا وما ينتج عنهما.

 

تساؤلات إيمانية :

 

هذه مجموعة من التساؤلات الإيمانية الهدف منها إحياء عمل القلب ؛ لأنه إن حَييَ أثمر أعمالاً وطاعات وزيادة إيمان، وإذا حصل ضعف في التصديق والإخلاص فأنَّى له أن يحصل على النتائج المرجوة وكلها تبعاً لهما؟ وأنّى له أن يقول : قد استخرت الله في كذا وكذا ؟ وأنّى له أن يقول : قد اختار الله لي كذا وكذا ، أليس ذلك فيه تقوّل على رب العالمين بغير علم ؟ وأنّى له بعد ذلك أن يتقنها ؟.

 

 

 

المسألة الثالثة: التوكــــل

 

هو قطع النظر عن الأسباب بعد تهيئة الأسباب ([41]).

 

وفي الحديث الصحيح أن أعرابياً جاء إلى الرسول r وترك ناقته دون أن يعقلها ظناً منه أن هذا الفعل هو التوكل ، فأرشده إلى حقيقة التوكل فقال له : ((أعقلها وتوكل)) ([42]) .

 

وينبغي تأمل الحديث فلم يقل له : ((التوكل أن تعقلها)) بل قال له: ((أعقلها وتوكل)) ويلزم من ذلك عملان :

 

عمل الجارحة  : الأخـذ بالأسباب .

 

عمل القلب   : عـدم الاعتماد على هذه الأسباب ([43]).

 

 

 

أهــــــميـــــة التوكـــل :

 

نظراً لأهمية التوكل وما يمثله من ثمرة حقيقية لحقيقة التصديق وما ينتج عن ذلك من ثمار أخرى ، وخصوصاً أن هناك علاقة بين التوكل والاستخارة ، فلهذا لابد بشيء من التفصيل من النصوص الشرعية وأقوال أهل العلم.

 

1- التوكل والقدر:

 

لشيخ الإسلام تحقيق جميل في مسألة  التوكل والقدر([44])، قال رحمه الله: ((وقد ظن ممن تكلم في أعمال القلوب أن التوكل لا يحصل به جلب منفعة ولا دفع مضرة ؛ بل ما كان مقدراً بدون التوكل فهو مقدر مع التوكل ولكن التوكل عبادة يثاب عليها من حسن الرضا بالقضاء وذكر ذلك أبو عبد الله بن بطة فيما صنفه في هذا الباب ، وقول هؤلاء يشبه قول من قال إن الدعاء لا يحصل به منفعة ولا دفع مضرة بل هو عبادة يثاب عليها كرمي الجمار وآخرون يقولون بل الدعاء علامة وأمارة ويقولون ذلك في جميع العبادات وهذا قول من ينفي الأسباب في الخلق والأمر يقول إن الله يفعل عندها لا بـها ، وهو قول من طائفة من متكلمي أهل الإثبات للقدر كالأشعري وغيره وهو قول طائفة من الفقهاء والصوفية.

 

ثم قال: والمقصود هنا الكلام على التوكل فإن الذي عليه الجمهور أن المتوكل يحصل له بتوكله من جلب المنفعة ودفع المضرة ما لا يحصل بغيره، وكذلك الداعي ، والقرآن يدل على ذلك في مواضع كثيرة ثم هو سبب عند الأكثرين وعلامة([45]) عند من ينفي الأسباب ، قال تعالى : ]  وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراًً  [     [الطلاق:2-3].

 

والحسب :  الكافي ، فبيَّن أنه كاف من توكل عليه وفي الدعاء يا حسب المتوكل ، فلا يقال هو حسب غير المتوكل كما هو حسب المتوكل ؛ لأنه علق هذه الجملة على الأولى تعليق الجزاء على الشرط ؛ فيمتنع في مثل ذلك أن يكون وجود الشرط كعدمه ولأنه رتب الحكم على الوصف المناسب له فعلم أن توكله هو سبب كونه حسباً له ؛ ولأنه ذكر ذلك في سياق الترغيب في التوكل كما رغب في التقوى ، فلو لم يجعل للمتوكل من الكفاية مالا يحصل لغيره لم يكن ذلك مرغباً في التوكل كما جعل التقوى سبباً للخروج من الشدة وحصول الرزق من حيث لا يحتسب...

 

قال تعالى : ] وَآتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً [ [الإسراء :2] ، فأمر أن يُتَّخذ وكيلاً ونهى أن يتخذ من دونه وكيلاً ؛ لأن المخلوق لا يستقل بجميع حاجات العبد والوكالة الجائزة أن يوكل الإنسان في فعل يقدر عليه فيحصل للموكل بذلك بعض مطلوبة ، فأما مطالبه كلها فلا يقدر عليها إلا الله... فلو كان الذي يحصل للمتوكل على الله يحصل وإن توكل على غيره أو يحصل بلا توكل لكان اتخاذ بعض المخلوقين وكيلاً أنفع من اتخاذ الخالق وكيلاً وهذا من أقبح لوازم هذا القول الفاسد)) أ.هـ

 

2- التوكل وحصول الكفاية :

 

أ- قال تعالى : ] وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُ  [ [الطلاق :3].

 

ب- قال شيخ الإسلام([46]):قال تعالى: ] وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ [ [يونس:71]، وكذلك قال عن هود لما قال قومه: ] إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُون إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ   [ [هود:54-56]، فهذا من كلام المرسلين مما يبين أنه بتوكله على الله يدفع شرهم عنه ، فنوح يقول: إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إليَّ ولا تُنظرون ، فدعاهم إذا استعظموا ما يفعله كارهين له ، أن يجتمعوا ثم يفعلوا به ما يريدونه من الإهلاك ، وقال: ((فعلى الله توكلت)) إن تحقيقه هذه الكلمة وهو توكله على الله يدفع ما تحداهم به ودعاهم إليه تعجيز لهم من مناجزته لكان قد طلب منهم أن يهلكوه ؛ وهذا لا يجوز وهذا طلب تعجيز لهم فدل على أنه بتوكله على الله يعجزهم عما تحداهم به .

 

وكذلك هود يشهد الله وإياهم أنه بريء مما يشركونه بالله ثم يتحداهم ويعجزهم ]    فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُون إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ [ بين أنه توكل على من أخذ بنواصي الأنفس وبسائر الدواب ، فهو يدفعكم عني لأني متوكل عليه)) أ.هـ

 

وقال : ((مجموع الفتاوى 16/55))

 

((وأما التوكل فبيَّن أن الله حسبه ، أي : كافيه ، وفي هذا بيان التوكل على الله من حيث أن يكفي المتوكل عليه كما قال: ] أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [ [الزمر:36] خلافاً لمن قال : ليس في التوكل إلا التفويض والرضا.

 

ج- قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى  ]وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً [[الطلاق:3 ]أي من فوض إليه أمره كفاه ما أهمه .

 

وقال العلامة السعدي في تفسير قوله تعالى:] الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[ [العنكبوت:59] ((وتوكلهم يقتضي شدة اعتمادهم على الله وحسن ظنهم به أن يحقق ما عزموا عليه من الأعمال ويكملها ونصَّ على التوكل وإن كان داخلاً في الصبر ؛ لأنه يحتاج في فعل وترك مأمور به ، ولا يتم إلا به )).

 

د- حصول الإصابة أو الضرب أو الحبس ونحو ذلك للمتوكل لا يدل على عدم حصول الكفاية إذا كان العبد قد توكل في أمر يتوقع فيه شيء أعظم من الإصابة كالقتل بسبب كلمة حق عند سلطان جائر أو الجهاد ، فالرسول r إضافة إلى أنه كان إمام المتوكلين فقد كان معصوماً من القتل ومع ذلك أصيب في بعض الغزوات.

 

ومثل هذه الأمور تعد من الأذى، والأذى لا يقتصر على اللسان -كما قد يفهم البعض- بل يشمل الإصابة والمرض والضرب مع أن من أذى اللسان ما هو أعظم إيلاماً على المؤمن الحق كسبّ المولى سبحانه وتعالى أو الدين أو الرسول r أو القذف ونحو ذلك.

 

قال تعالى على لسان رسله: ] وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [ [إبراهيم:12] ، والشاهد أن من الرسل والأنبياء قد أصيب أو سجن أو قتل .

 

وفي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي قتادة الأنصاري أنه كان يحدّث أن الرسول r مر عليه بجنازة فقال : ((مستريح ومستراح منه)) قالوا : يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه قال:((العبد المؤمن مستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)). والشاهد أن أذى الدنيا يشمل كل ما تقدم .

 

وقال شيخ الإسلام : ((مجموع الفتاوى 15/136)).

 

(( وما لقي النبي وأصحابه من أذى المشركين أعظم من مجرد الحبس فإن يوسف حبس وسكت عنه والنبي أصحابه كانوا يؤذون بالأقوال والأفعال مع منعهم من تصرفاتهم المعتادة )).

 

ومع كل ذلك فإن المؤمن يبتلى على قدر إيمانه الأمثل فالأمثل ، والسر في ذلك أن البلاء في مقابلة النعمة فمن كانت نعمة الله عليه أكثر كان بلاؤه أشد([47])، ومن خلال المشاهدة والسماع نرى أن من يتوكل على الله ولو في الكفاية من الإصابة ونحوها فإنه يكفيه . ومثاله رجل رأى رجلاً من أهل الشر يشرب الخمر وتوقع([48]) إن أنكر عليه أن يؤذيه فاستجمع قواه وتقواه واستحضر أن التوكل سبب في الكفاية وأن الله كافية ما أهمه ، فأنكر عليه وكفاه الله ما أهمه ، بل تجد بعضهم قد يتوب.

 

ومما يجدر ذكره أن هناك علاقة بين استحضار التوكل في مثل هذه المواقف والكفاية، وقد أشار المولى I إلى ذلك في نصوص كثيرة وقد تقدم قول نوح وهود عليهما السلام ، وكذلك قول المؤمنين في قوله تعالى :

 

] الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ [ [آل عمران: 173-174].

 

أي إذا أراد العبد التوكل على الله في أمر يحتاج إلى كفاية ؛ فليستحضر قلبه أن الله كافيه ، ثم يحق له أن يقول ذلك بلسانــه .

 

 

 

 

 

هـ- حصول القتل للمتوكل لا يدل على عدم حصول الكفاية ؛ لأن الانتقال من دار النصب والأذى إلى دار الراحة والرحمة والجزاء الحسن هي أعظم كفاية للمؤمن الحق، قال تعالى: ] وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [ [آل عمران:157]، ثم قال تعالى في الآية (159) ] فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[  ثم في الآيــة التي تليها قـــال :

 

] إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [.

 

وقـــــــال :

 

] قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[ [ التوبة 51-52].

 

والشاهد أن هناك علاقة بين التوكل والكفاية وحصول إحدى الحسنيين، وهي أن الشهادة أو النصر تعد من الكفاية، فبالنصر تحصل مصلحة عامة وخاصة وهذه من أعظم أنواع الكفاية، وبالشهادة تحصل أيضاً أعظم أنواع المصلحة الخاصة والله ذو الفضل العظيم . وسوف يأتي معنا قصة مقتل الحسين بن علي y وكان قد استخار الله في خروجــــه  .

 

و- مع أن الأصـل في التوكل حصول الكفاية، ولكن من رحمة المولى I أن خص هذه الأمة بأمور؛ منها أن رفع عنها الحرج عند الإكراه ؛ لأن الإيمان يتفاوت بين الناس وبالتالي سيؤثر على درجة التوكل ، ولكن للإكراه ضوابط وشروط يُرجع إليه في مظانه.

 

3- حال المتوكلين على الله :

 

قال الإمام القرطبي في تفسيره (4/189)

 

المتوكلون على حالين :

 

الأول    : حال المتمكن في التوكل فلا يلتفت إلى شيء من تلك الأسباب بقلبه، ولا يتعاطاه إلا بحكم الأمر.

 

الثانـي : حال غير المتمكن وهو الذي يقع له الالتفات إلى تلك الأسباب أحياناً غير أنه يدفعها عن نفسه بالطرق العلمية والبراهين القطعية والأذواق الحالية، فلا يزال كذلك إلى أن يرقيه الله بجوده إلى مقام المتوكلين المتمكنين ويلحقه بدرجات العارفين   )).

 

4-  وجوب التوكل:

 

أ) قال تعالى على لسان موسى : ] قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [ [المائدة:23].

 

قال العلامة السعدي في تفسيره  :

 

((فإن في التوكل على الله خصوصاً في هذا الموطن ؛ تيسيراً للأمر ونصراً على الأعداء ودل على وجوب التوكل وعلى أنه بحسب إيمان العبد يكون توكله)).

 

وفي تفسيره لقوله تعالى : ] وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[ [آل عمران : 122] قال : ((فعلم بـهذا وجوب التوكل وأنه من لوازم الإيمان والعبادات الكبار التي يحبها الله ويرضاها لتوقف سائر العبادات عليـه )) .

 

ب) وقال شيخ الإسلام([49]): ((فإن التوكل على الله واجب ومن أعظم الواجبات)).

 

ج)  وقال العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب : ((ومراد المصنف بهذه الترجمة النص على أن التوكل فريضة يجب إخلاصه لله تعالى ؛ لأنه من أفضل العبادات وأعلى مقامات التوحيد بل لا يقوم به على وجه الكمال إلا خواص المؤمنين كما تقدم في صفة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب))([50]).

 

5- متــى يكـون التوكـل واجبـاً ؟

 

قد يقول قائل : طالما وأن التوكل بهذه الأهمية وأعمال القلوب تتفاوت من شخص إلى آخر ،فهل من ضابط لتمييز التوكل الواجب حتى أعبد الله على بصيرة ؟

 

الجواب :

 

عند تأمل سياق وسباق النصوص الشرعية التي أمر فيها المولى I بالتوكل نجدها تتعلق في مسألة الكفاية كجلب منفعة أو دفع مضرة ؛ ومن هذه النصوص قوله تعالى :

 

] وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [ [الزمر:38].

 

] إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[ [آل عمران:160].

 

] يَاأَيُّهَآ الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[ [المائدة:11].

 

]إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [ [التوبة:50-51].

 

] إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[  [المجادلة:10].

 

وقال على لسان رسله :

 

]وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [ [إبراهيم:12].

 

الخلاصة :

 

يجب التوكل عندما يتعلق الأمر بالكفاية في واجب أو محرم مثل أداء الشهادة لله في ظل تهديد لمنعه ، أو قبول رشوة لضيق ذات اليد .

 

 

 

6- التوكل آلة لكل عمل :

 

قال تعالى : ] فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[  [الشورى:36].

 

قال العلامة السعدي في تفسيره:

 

((أي جمعوا بين الصحيح المستلزم لأعمال الإيمان الظاهرة والباطنة وبين التوكل الذي هو آلة لكل عمل ، فكل عمل لا يصحبه فغير تام )).

 

7- علاقة التوكل في تيسير الأمور:

 

قال العلامة السعدي في تفسيره لآية ] وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً[ [الأحزاب:3]: ((تُوكل إليه الأمور فيقوم بها وبما هو أصلح للعبد ، وذلك لعلمه بمصالح عبده من حيث لا يعلم العبد وقدرته على إيصالها إليه من حيث لا يقدر عليها العبد وأنه أرحم بعبده من نفسه ومن والديه وأرأف به من كل أحد خصوصاً خواص عبيده الذين لَـمْ يزل يربيهم ببره ويدر عليهم بركاته الظاهرة والباطنة، خصوصاً وقد أمره بإلقاء أموره إليه ووعده أن يقوم بها ، هناك لا تسأل عن كل أمر يتيسر وصعب يتسهل وخطوب تهون وكروب تزول وأحوال تُقضى وبركات تنـزل ونقم تدفع وشرور ترفع ، وهناك ترى العبد الضعيف الذي يفوض أمره لسيده قد قام بأمور لا تقوم بها أمة من الناس وقد سهل الله عليه ما كان يصعب على فحول الرجال وبالله المستعان)) أ.هـ.

 

 

 

8- أنــواع توكـــل النـــاس:

 

الناس في التوكل على أربعة أنواع : ([51])

 

أ- متوكل على الله :

 

وقد تقدم الشيء الكثير منه .

 

ب- متوكل على ماله :

 

وهو من كان لسان حاله أو قاله يظن بوجود المال معه فلن يحتاج لأحد.

 

ج- متوكل على الناس:

 

وهو من كان لسان حاله أو قاله يظن بأن وقوف فلان وفلان معه فلن يحتاج لأحد أو منصور بهم من دون الله ،وما أكثر هؤلاء اليوم ومن صفاتهم أنهم يقدِّمون رضا الناس على سخط الله ،والله المستعان .

 

د- متوكل على نفسه :

 

وهو الذي يظن أنه بحوله وقوته وعقله وحسن تخطيطه يستطيع تحقيق أموره .

 

وقفــــــــــــــة لتأمـــــــــل واقـــــــــــع الأمــــــــــــــــــــــة :

 

ومما يجب الإشارة إليه أن انتفاء النوع الأول من الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات يجعلهم عرضة للسنن المادية ، وحينها تكون الغلبة للأكثر مالاً والأقوى عدة والأحسن كفاءة ، فلهذا على المسلمين أفراداً وجماعات ومجتمعات عند الإقدام على عمل أن ينظروا إلى نوعية توكلهم إن أرادوا تعويض الفارق الذي بينهم وبين أعدائهم قال تعالى : ] فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً[  [فاطر: 43].

 

 

 

9- ثمار الفرق بين المتوكل والذي يتوكل ومن يتوكل :

 

قال تعالى : ] öفَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[ [آل عمران:159].

 

قال تعالى:  ]إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون[ [ النحل:99].

 

قال تعالى : ]ومن يتوكل على الله فهو حسبه[ [الطلاق: 3].

 

المتوكل: يستحق المحبة من الله، وإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سأله أعطاه وإن استعاذه أعاذه .

 

فلهذا على المسلم أن يكثر من الأعمال التي تقوي درجة التوكل حتى يستحق هذه الصفة وهذه المحبة ، وخير وسيلة لذلك كثرة الاستخارة ؛ لأن الحاجة إليها دائمة ومتكررة.

 

الذي يتوكل : يستحق أن يحفظه الله من تسلط الشيطان ، وهذه من رحمة المولى I أنه لم يحرم هذه الفئة ثمار التوكل وإن كانت أقل منزلة من المتوكل .

 

من يتوكل : إذا توكل العبد على الله في مسألة واحدة استحق أن يكفه أمرها ، وهذه أيضاً من رحمته ، فالله لا يظلم العبد مثقال ذرة ]فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره[ [الزلزلة:7].

 

وإذا تأملنا الفرق بين ثمار طاعة واحدة من التوكل ، وثمار طاعة واحدة لكثير من العبادات ؛ لوجدنا الفرق عظيماً جداً ، وسوف يتضح ذلك أكثر عند الحديث عن الطمأنينة والرضا والسكينة وصلاح البال ثم تأمل ما ينتج عن ذلك من ثمار.

 

10- الاستخارة والتوكل:

 

لأن الإنسان خلق ضعيفاً فخير علاج له ؛ التوكل على الله قال تعالى:] قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [ [التوبة:51].

 

قال الإمام الطبري: ((أي من كان به ضـــعــف من المؤمنين أو وهن فليتوكل علـــــيَّ، وليستعن بـي أعنه على أمره وأدفع عنه؛ حتى أبلغ به وأقويه على نيتـــــه )).أهـ

 

فالتوكل سبب لجلب منفعة أو دفع مضرة والاستخارة مبنية على التوكل. ولكن قد يصعب على البعض تمييز التوكل في الأمور التي ليس فيها جلب منفعة أو دفع ضرر واضح ؛ مثل البيع والشراء والزواج ونحو ذلك .

 

ولكن كلما أكثر العبد من الاستخارة ورأى ثمارها زاد توكله وكلما زاد توكله زادت بصيرته وإيمانه ويقينه ، مما يجعله محافظاً عليها ومكثراً منها وهذه المحافظة والإكثار تحافظ على مستوى الإيمان وتزيده وتجدده إلى أن يصبح قلبه معلقاً بها بإذن الله ، وهذه الصلاة من أسهل العبادات التي تساعد على تقوية التوكل .

 

الخلاصة العامة :

 

أن التوكل يتحقق عندما تعتقد اعتقاداً جازماً بأن المولى I سيحقق لك الشيء الذي توكلت عليه فيه أو سيكفيك همَّه ، وهذا يكفي لحصول الطمأنينة الشرعية وغيرها من الثمار التي يتضمنها التوكل.

 

أسئلــــة إيمانيــــة :

 

كــــم مرة توكلت على الله ؟ وكـــم مرة في موقف ما استحضرت أنك متوكل على الله؟ وكــم مرة عزمت أن تتوكل على الله ؟ وإذا كنت من الذين يستخيرون فكـــم مرة استحضرت هذه الأسئلة ؟ وهـــــل تستخير لجلب منفعة أو دفع مضرة ؟ أم تستخير للحصول على الطمأنينة؟

 

 

 

علامات حسن التوكل في الاستخارة :

 

1- طمأنينة القلب بموعود الله تعالى ؛ لأنك تعتقد بأن شراً سيُصرف عنك أو خيراً سيتيسر لك ، فإذا حصل ضعف في التوكل ظهرت علامات تدل عليه .

 

مثــــــال :

 

 

 

رجل أقدم على إقامة مشروع ما... وقال : (( قد استخرت الله وأنا متوكل عليه  )) ثـم لا ترى فيه ثمار التوكل – كالطمأنينة والرضا – مثل التذمر عند فشل المشروع أو ذم غيره أو نحو ذلك .

 

فهل مثل هذه الأقوال تدل على أنه كان متوكلاً ؟ أم أنه لم يفهم بعد حقيقة التوكل؟ فكل عمل قلبي له ثمار فأين الثمار لمثل هذا النوع من التوكل ؟ وقد قال بعض السلف: ((التوكل باللسان يورث الدعوى والتوكل في القلب يورث المعنى  )).

 

2- أن لا تطمع من المولى I أن يحقق لك ما كنت تشتهيه قبل الاستخارة لأن ذلك علامة على الـهوى، ولا يعد حينها صاحبها مستخيرا ، فلينتبه بدقة لهذا الأمر .

 

3- أن يكون التوكل قبل الصلاة أو بعدها مباشرة وقبل انجلاء الأمر ، فإذا انجلى فلا توكل ، قال ابن مسعود t: ((ليس بمتوكل الذي قضيت حاجته)) ، بل هنا يبرز دور عمل القلب في الرضا وسيأتي إن شاء الله تعالى.

 

4- توطين النفس على الرضا بما سيختاره الله لك ، ويزداد وجوباً بعد انجلاء الأمـور .

 

5- الشعور بظهور الحكمة من الصرف أو التيسير ولو بعد حين ، فهي علامة على أنك كنت تمشي في المسار الصحيح، ولا يلزم أن يكون دائماً أو كثيراً لأن ذلك يعود إلى نوعية المسألة ونوعية المستخير ، وسيأتي تفصيلهما إن شاء الله تعالى ، ومثاله : استخار رجل على شراء سيارة فصرفه الله عنها ، ثم  تبين له أن بها عيباً كبيراً لم يكن يعرفه قبل الاستخارة . وقس على ذلك .

 

 

 

المسألة الرابعة : الطمأنينـــــــة

 

سكون القلب من الخوف أو الانزعاج ([52])

 

1-قال تعالى : ] إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [ [الأنفال: 9-10].

 

] الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[ [الرعد:28].

 

قال السعدي: ((الذين...)) أي يزول قلقها _أي القلوب_ واضطرابها وتحضرها أفراحها ولـذاتها، [ألا بذكر..] أي حقيق بها وحري أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره.

 

2- عن الخشنيt  قال: قلت يا رسول الله أخبرني بما يحل لي ويحرم علي ، قال : فصّعد النبي r في النظر فقال: ((البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون))([53]).

 

والشاهد من كل ذلك ليتميز الفرق الدقيق بين الطمأنينة والسكينة فبينهما عموم وخصوص ، فالطمأنينة تختص الشعور بالخوف والأمن والقلق والاضطراب ، أما السكينة فهي أعم  فغالباً ما تنـزّل للتثبيت وسوف يأتي ذكرها .

 

عـــــلامات الطمأنينة:

 

الشعور بالأمن من خلال عدم الشعور بالقلق أو الخوف أو الاضطراب ، ويكون واضحاً في الأمور المهمة أو المقلقة أو المحيرة ، أو في شيء كان يتخوف حدوثه قبل الاستخارة ؛ لأن الطمأنينة تدل على حسن التوكل، والتوكل يتضمن الطمأنينة ، قال شيخ الإسلام : ((فالتوكل عليه يتضمن الطمأنينة إليه والاكتفاء به عما سواه)) ([54]).

 

طمأنينة الجارحة وعلاقتها بالاستخارة :

 

هناك علاقة بين طمأنينة القلب والجارحة ، وهي أن ما في القلب تعبر عنه الجوارح مثل القلق والاكتئاب والاضطراب، ونظراً لوضوح هذه الأمور من حيث دلالتها على ضعف طمأنينة القلب فلا حاجة إلى تفصيل فيها ، ولكن ما يحتاج إلى تفصيل وبيان هو تمليك القواعد التي تبنى عليها الأحكام ؛ ليسهل بعد ذلك تنـزيل الحكم لأي شخص يتمتع بثقافة شرعية ، أي لا يلزم أن يكون طالب علم ، ولهذا قال السلف : ((من حفظ المتون نال الفنون)).

 

ومن تلك القواعد تعريف طمأنينة الجارحة :

 

((هي التأني في الحركة فلا تنتقل من عمل إلى عمل آخر حتى تستكمل شروط وأركان وواجبات العمل الأول)) .

 

وقد دلت النصوص الشرعية على ذلك منها :

 

الحديث الأول :

 

((لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود)) أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي، وصححه الألباني وغيره .

 

الحديث الثاني :

 

((لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء... ثم يركع ويضع يديه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخي)) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي ، وصححه الألباني وغيره.

 

مثـــــال واحــد :

 

استخار رجل في شراء حاسوب آلي-كمبيوتر- ، وحتى يطمئن قلبه استخار على نوع معين ؛ لأن وضعه المادي لا يسمح بشراء نوع ممتاز غالي الثمن ، وحتى يطمئن قلبه أكثر استخار على المحل الذي سيشتري منه ، ثم بعد بحث وجهد اشترى نوعاً آخر من مكان آخر بدون استخارة .

 

توضيحات لمعطيات المثال:

 

 

 

لا يلزم من شراء  نوعية ممتازة ومشهورة أن تكون خالية من العيوب لأسباب عدة منها : سوء النقل والخزن أو خلل أثناء التصنيع ، وإن كان يوجد ضمان على البضاعة وقد قيل ((ليس العاقل الذي إذا وقع في الأمر احتال له ، ولكن العاقل يحتال للأمر حتى لا يقع فيه))([55]).

 

لا يلزم من شهرة المحل وحسن خدماته المقدمة لزبائنه أن يحصل المشتري على بضاعة سليمة مائة بالمائة ، وإن كان هناك ضمان ، فالضمان قائم في الغالب على الإصلاح وليس الاستبدال ، كما أن مثل هذه المحلات في العادة أسعارها مرتفعة لا تناسب كل مشترٍ.

 

وهنا تبرز عدة أسئلة :

 

كيف يمكن للمشتري أن يحصل على بضاعة جيدة بسعر يناسب وضعه المادي وفي نفس الوقت يلبي حاجته دون إفراط أو تفريط أو منغصات ، وهذا ما يسمى في علم التسويق المشتري المثالي؟!

 

كيف يمكن للمشتري النجاة من تلك الاحتمالات أو التخفيف من أضرارها ؟ وكيف يمكن أن يميز بين البضاعة الممتازة ((أصلي)) والرديئة ((التقليد أو ما يسمى تقليد التقليد))؟ وكل هذه الأشياء قد تكون مقلقة أو محيرة لكثير من الناس وخصوصاً بعد انتشار ظاهرة الغش في البيوع .

 

 

 

الإجابة :

 

من خلال التجربة لفترة تقارب عشرين عاماً وجدت أن أحسن طريقة لكل ذلك هي الاستخارة التفصيلية لتصفية الاحتمالات المزعجة أو المقلقة ، لأن المولى I هو علام الغيوب وقد قال ] أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[ [الملك:14].

 

تحليل المثــــال للإتقــــــان :

 

عودة إلى المثال لربط العلاقة بين طمأنينة القلب والجارحة ويمكن تلخيصها في الآتـــي:

 

أين طمأنينة الجارحة التي تدل على طمأنينة القلب ؟ وقد اشترى نوعاً آخر بدون استخارة فهذه الجزئيات التفصيلية التي سبق الإشارة إليها لها دلالات وأسباب ونتائج ينبغي معرفتها ومراعاتها لمن أراد أن يتقنها.

 

قد يقول قائل : أعجبه النوع الثاني فاشتراه ويعتبر هذا من الصرف عن النوع الأول.

 

الإجابة :

 

سيكون ذلك وارداً إذا استخار على النوع الثاني ، وكان يكفيه الاستخارة على الشراء فقط ، ولكن لما أحب الاستكثار من الخير كان ينبغي أن يراعي ضوابط هذا الاستكثار.

 

استخارته على الشراء من محل معين ثم الشراء من محل آخر دون استخارة ، فيه منافاة للأشياء التي سبق بيانها.

 

مثــال ثــــانٍ :

 

رجل محتاج سيارة وبعد بحث وجد سيارة للبيع فأعجبته ووجد سعرها مناسباً فاستخار الله لشرائها، فطلب منه البائع أن ينتظره شهراً ليقضي فيها أموراً مهمة ومن ثم سيسافر فوافق المشتري ، ولكنه أصبح يتردد عليه أكثر من مرة ويعاجله قبل انتهاء الفترة المتفق عليها .

 

فهذه العجلة ينبغي ربطها بطمأنينة الجارحة ، فِلمَ العجلة والاستعجال طالما أنه قد استخار الله وتوكل عليه ؟ ألا يدل ذلك على خلل ما ؟ ، وقد يقول قائل هذه فرصه قد تضيع عليه ، فالجواب ، إذن لماذا استخار وأين التوكل وثماره؟

 

تنبيـــــــــــــه :

 

قد يشعر المستخير في بعض الأحيان بتوجس وخيفة أو قلق بعد الاستخارة في أمر مهم وخصوصاً إذا كان يتعلق بالرزق والكفاية ، فهذا أمر غير جائز ولكنه قد يقع للمستخير ؛ لأن الإنسان ضعيف في هذا الجانب وخصوصاً في هذا العصر إلا من رحم الله ، وينبغي أنْ يجاهد نفسه بالدعاء وغير ذلك ، وعادة ما يكون ذلك الخوف بعد أن أصبح ظنه يميل إلى أن الله اختار له أمراً معيناً ، ولكنه لم ينجل بعد بشكل واضح ، أو لم يمل ظنه إلى شيء بعد ، فمثل هذا الشعور في هذه الحالات فدائماً ما يكون من كيد الشيطان وتخويفه لنا بالفقر والذل حتى نقع في الفحشاء ثـم نأمر بـها ، أما إذا كان ذلك بعد انجلاء الأمر فلا يجوز البتة .

 

وقد يقول سائل : كيف أستطيع التمييز إن كان هذا الخوف والقلق العابر والعرضي من قرائن التيسير والصرف؟ أم أنه من كيد الشيطان طالماً أن الأمر لم ينجل بعد؟

 

الجواب:

 

ليس من قرائن التيسير أو الصرف الشعور بالخوف والقلق ونحوهما سواء بالرزق أو غيره ، وذلك مؤشر على أنك تشعر أن الله لن يكفيك ما أهمك ، بل يجب أن تعتقد أن الله سيكفيك ما أهمك .

 

الشيطان يعـدنا الفقر ويأمر بالفحشاء والله يعدنا بالمغفرة والفضل .

 

 

 

المسألة الخامسة: السكينــــة

 

هي الطمأنينة وسكون النفس إلى صدق الوعد ([56])، وقيل السكينة ما يجده القلب من الطمأنينة ثم تنـزّل الغيب وهي نـــــــور في القلب يسكن إلى شاهده ويطمئن وهو مبادي عين اليقين([57]).

 

وقد ذكر أهل العلم أقوالاً كثيرة عن ماهيتها([58]) وكلها قريبة من هذا المعنى ، وأقرب قول ما قاله عطاء ((فأما السكينة فما تعرفون من الآيات تسكنون إليها  )) أي أن لها علامات تستطيع تمييزها .

 

متـى تنــزل السكينــة ؟

 

عند الرجوع إلى النصوص نجد أن السكينة ينزلها المولى سبحانه وتعالى على من يشاء من عباده كمكافأة أو مِنّة.

 

1-قال تعالى : ] هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُواْ إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ[  [الفتح :4].

 

قال السعدي : ((يخبر الله تعالى عن منته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم وهي : ((السكون والطمأنينة والثبات عند نزول المحن المقلقة والأمور الصعبة التي تشوش القلوب وتزعج الألباب وتضعف النفوس)).

 

2- قال تعالى: ] لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيب [ [الفتح : 18]

 

قال السعدي : ((شكراً لهم على ما في قلوبهم وزادهم هدى ، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط- أي شروط صلح الحديبية- التي شرطها المشركون على رسوله فأنزل عليهم السكينة تثبتهم وتطمئن بها قلوبهم)).

 

وقال تعالى : ] لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنَزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [ [ التوبة:25-26].

 

قال القرطبي: ((أي أنزل عليهم ما يسكنهم ويذهب خوفهم حتى اجترءوا على قتال المشتركين بعد أن ولوّا)).

 

وقال السعدي: ((والسكينة ما يجعله الله في القلوب، وقت القلاقل والزلازل والمفظعات ما يثبتها ويسكنها، ويجعلها مطمئنة وهي من نعم الله العظيمة على العباد)).

 

وفي الحديث : ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة)) رواه مسلم .

 

عــــلامـــــات السكينـــة:

 

1_  ترك استعجال حصول المطلوب ؛لأنّ السكينة إذا نزلت في القلب زال الاستعجال وسكنت النفس واطمأنت إلى حصول المطلوب .

 

2_   اجتماع الخاطر وعدم تشتت البال .

 

3_   رباطة الجأش وهدوء النفس .

 

قال الإمام القرطبي : ((8/376)).

 

((والاستقامة في الدعاء ، ترك الاستعجال في حصول المقصود ولا يسقط الاستعجال من القلب إلا باستقامة السكينة فيه ولا تكون السكينة إلا بالرضا الحسن لجميع ما يبدو من الغيب)).

 

وقال العلامة إسماعيل الدهلوي ((رسالة التوحيد 1/92)).

 

((وأما من توكل على الله ولم تنشغب به المذاهب عدّه الله في عباده المقبولين وفتح الله عليه طريق الهداية وهدى قلبه ، فأذاقه حلاوة الإيمان وغشيته غاشية السكينة ورُزق من اجتماع الخاطر ورباطة الجأش وهدوء النفس مالا سبيل إليه لمن تشتت فكرهُ وتفرق هداه ثم إنه لا يخطئه ما قدر له وقسم ولكن ضعيف العقيدة متشتت البال يعاني من الحزن والقلق من غير جدوى والمؤمن المتوكل الموحد ينعم بالهدوء والطمأنينة والسكينة)).

 

 

 

علاقـــــة الاستخــارة بالسكينـة

 

 

 

1-  لا يلزم من عدم الشعور بالسكينة بأن هناك خللاً قد حصل ، فقد ينقضي الأمر صرفاً أو تيسيراً ولا تشعر بها  وهذا يعود لنوعية المسألة ، فقد تكون من الأمور البسيطة أو الأمور التي ألِفَ عليها ، ولكن بشرط أن لا يصاحبك قلق أو عدم طمأنينة.

 

2-  إذا كانت الاستخارة في الأمور التي تحتاج إلى تثبيت وجرأة على تبعات الحق ، ولم يشعر بها ، فهذا قد يدل على أن خللاً ما قد حصل في الأعمال التي تقدم ذكرها.

 

 

 

المسألة السادسة: الرضـــــا

 

الرضا سكون النفس إلى القضاء .

 

وهو من ثمار التوكل ولازم من لوازمه ويكون بعد انقضاء الأمر، أما إن كان قبله فهو تفويض أو عزم ([59]) على الرضا لا حقيقة الرضا([60]) ، والرضا بالاستخارة واجب ؛ لأن ذلك من التسليم المبني على طلب كالإيفاء بالنذر.

 

أنـــــــــــواع الرضـــــــا([61])

 

أ- الرضا بالطاعات .

 

ب- الرضا بالمصائب كالفقر والمرض.

 

ج- الرضا بالكفر والفسوق والعصيان .

 

حكمــــه :

 

قال شيخ الإسلام ((قاعدة في المحبة /1/193))

 

((ولهذا لم يتنازع العلماء أن الرضا بما أمر الله به ورسوله واجب محبب لا يجوز كراهة ذلك وسخطه ، وأن محبة ذلك واجبة بحيث يبغض ما أبغضه الله ويسخط ما أسخطه الله من المحظور ويحب ما أحبه ويرضى ما رضيه الله من المأمور.

 

وإنما تنازعوا في الرضا بما يقدره الحق من الألم والمرض والفقر ، فقيل هو واجب وقيل هو مستحب وهو أرجح ، والقولان في أصحاب الإمام أحمد وغيرهم ، وأما الصبر على ذلك فلا نزاع أنه واجب .

 

وقال في : ((منهاج السنة النبوية /3/203)).

 

((وقال أكثر العلماء على أن الرضا بذلك – أي الفقر والمرض ونحو ذلك – مستحب وليس بواجب لأن الله أثنى على أهل الرضا بقوله : ] رِّضِي اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْه [ [  البينة :8] ، وإنما أوجب الصبر فإنه أمر به في غير آية ولم يأمر بالرضا ولكن أمر بالرضا بالمشروع)).

 

عــــــــــــلامـــــــــات الرضـــــــــــــــــــــــا

 

أ- سكون القلب إلى صدق الوعد ، لأنه مطمئن بأن الله قد اختار له خيراً أو صرف عنه شراً.

 

ب- عدم الشك في أن الله قد اختار له خيراً أو صرف عنه شراً ، وعلامة الشك أن يشك في صحة صلاته فيعيدها مرة أخرى ؛ إلا إذا كان ناتجاً عن صعوبة تمييز الصرف من التيسير وسوف يأتي الحديث عنه في نتائج الاستخارة .

 

أمـــــا ما كان ناتجاً عن الوسواس فيطرد بالاستعاذة وعدم استرسال النفس لمثل هذه الخواطر وتذكر وتدبر قوله تعالى: ] إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [ [النحل: 99] ، فهناك علاقة بين عدم قدرته على التسلط والتوكل ، وهي الكفاية من شياطين الإنس والجن ، وما شُرعت الاستخارة إلا لإزالة الشك والحيرة وغيرهما ليحل محلها الطمأنينة والرضا وصلاح البال.

 

ج- التسليم بما اختاره الله له .

 

د- الصبر على ما اختاره الله له.

 

تنبيه مهم جدا

 

هناك خطأ قد يكون شائعا ، وهو عندما يستفتي أحد شيخا عن مسألة استخار الله فيها فتيسرت ثم حصل له ما يكرهه ،كفتاة قبلت الزواج من شاب بعد الاستخارة ، ثم طلقها ، ثم يكون ضمن كلام المفتي ؛ الاستدلال بقوله تعالى : ]وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ[  [البقرة :216] ، فمثل هذا الاستدلال غير صحيح ولا يجوز البتة بحق المستخير ؛ لأنه يلزمه الرضا والتسليم وجوبا ، فكما أن ثمار الاستخارة عظيمة فحقوقها أيضا عظيمة ، بل لا يمكن أن يذوق المستخير ثمارها الحقيقية إلا  بعد أن يؤدي حقوقها .

 

 

 

 

 

المسألة السابعة : صـــلاح البــال

 

أغلى سلعة بأزهد ثمن يمكن أن يحصل عليه الناس في الدنيا ، ولا زال الناس يكدّون للحصول عليه بكل الطرق والوسائل وبكل ما أُوتوا من قوة ليذوقوا السعادة ، وليس من سبيل إلى ذلك إلا طريق واحد، قال تعالى : ] وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ[  [محمد:2]، وقال : ] الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [ [الرعد:28-29] ، فمن منَّ الله عليه بصلاح البالَ هانت عليه مصائب الدنيا.

 

وقد جاء في تفسير صلاح البال كلمات متشابهة ومتقاربة من حيث المعنى ، أي أصلح بالهم ، وشأنهم ، وأمرهم ، وقال العلامة السعدي في تفسيره لهذه الآية:((أي أصلح دينهم ودنياهم وقلوبهم وأعمالهم وأصلح ثوابهم بتنميته وتزكيته ، وأصلح جميع أحوالهم)).

 

الاستخـــــــــارة وصلاح البال  :

 

الاستخارة سبب من أسباب حصول صلاح البال ولو في الشيء المستخار فيه ، ويدل على ذلك دعاء الاستخارة في تقدير وتيسير الخير والمباركة فيه أو في صرف الشر عنك وصرفك عنه ؛ فالإنسان بطبعه إذا أصابه الخير فرح به واطمأن قلبه وصلح باله ، فكيف إذا كان مع ذلك حصول البركة ؟ ، فمن البركة ؛ حصول صلاح البال في الشيء المستخار فيه ، وكذلك بانصراف الشر عنك فإنك حينئذٍ تزداد يقيناً وشكراً وذكراً فيطمئن قلبك فيصلح بالك ، وكيف إذا كان مع ذلك أن صرفك عن الشر؟ - إذا كانت نفسك تهواه قبل الاستخارة - ، فكم من شر مصروف عنك وما أنت بصارف نفسك عنه ، قال تعالى : ] وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ  [  [ البقرة : 216].

 

وكلما أكثر العبد من الاستخارة ورأى ثمارها في زيادة حصول الخير أو زيادة الشر المصروف عنه، ازداد باله صلاحاً؛ حتى يصبح قلبه معلقاً بها ، فحينئذٍ فلن يقدم على شيء بإذن الله إلا بعد أن يستخير ربه .ومثل هذا الإكثار يدخل في عموم تتابع الحسنات وعلامة على حسن ضبطها وإتقانها وقبولها.

 

قال شيخ الإسلام :

 

((وقد ذكر في غير موضع من القرآن ما يبين أن الحسنة الثانية قد تكون من ثواب الأولى، وكذلك السيئة الثانية قـد تكون من عقوبة الأولى، قال تعالى :

 

 

 

] وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ([62]) بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً[ وقال تعالى: ] وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[

 

وقال تعـالى : ] وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ [ ([63])  .أهـ

 

 

 

أسئلة للمكاشفة الإيمانية :

 

إذا كنت من الذين يستخيرون قليلاً ؛ فلماذا لم تزدك ثمارها إكثاراً منها ؟ أم أنك لم تجنِ منها ثماراً ؟ وإذا كان كذلك فكيف تفسره ؟ أتفسره بعدم القبول ؟ أم بعدم الضبط والمراقبة([64]) للأسباب والقرائن أم بعدم الإتقان ؟ أم بعدم حسن التوكل ؟ أم بـعدم حسن الإخلاص ؟ أم تستخير للتجربـة([65])؟أم تستخير بالبركة ([66])؟ وهل بعد كل ذلك تستطيع أن تقول : ((قد استخرت الله في كذا وكذا وقد اختار لي كذا وكذا)) وتستأنس بقصة شيخ الإسلام عندما تحدى أهل الباطل في دخول النار فتعجب الأمير من ذلك ، فقال له: ((قد استخرت الله))([67]) ؟ أم ستتحرج من ذلك؟ فإن حصل ذلك فاسأل نفسك لماذا تتحرج ؟ .. وهكذا إلى أن تصل للسبب الحقيقي ؛فحينئذٍ سيسهل عليك بإذن الله معالجته وتجاوزه .

 

وفي الختام أسأل المولى سبحانه وتعالى أن يخلص نياتنا ويصلح أعمالنا ويمنحنا ولا يمتحننا إنه على كل شيء قدير.

 

حيطة ودعوة:

 

أخي المسلم : إذا كنت تشعر بأنك لن تحتاج إليها في يوم من الأيام ، فلا تحتفظ بها، بـــل تصدق بها لآخر، وإذا كنت تشعر بأنك استفدت منها؛ فأحب لأخيك كما تحب لنفسك([68]) لعل الله ينفعك وينفعهم بها ، فما هي إلا ضغطة زر فالدال على الخير كفاعله .

 

 

 

 

 

ولا تــــنســــــــــوا إخوانكم من صالح الدعـــــــــــــــــاء

 

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

الفهارس

المبحث

المسألة

تفريع(1)

الموضوع

الصفحـة

الإتقان لغة واصطلاحا

الأول

أحاديثها وأحكامها

5

-

الأولى

-

أحاديث الاستخارة وتخريجها

 

حديث جابر

5

-

-

(2)

حديث الاستخارة في الخطبة

7

-

-

(3)

حديث الاستخارة والسعادة

7

(4)

حديث تكرار الاستخارة

8

-

الثانية

-

شرح حديث الاستخارة مع بعض الفوائد

9

-

الثالثة

-

أحكامها

12

-

-

هل تسن الاستخارة عند التباس الأمر فقط ؟

12

-

-

لماذا لا تجوز الاستخارة قبل معرفة الحكم ؟!

13

-

-

هل يجوز الدعاء بعد الاستخارة بتيسير أمر بعينه ؟

14

-

-

انشراح الصدر للفعل أو الترك

15

-

-

الاستخارة والعلم المسبق بتعنت من بيده الأمر

16

-

-

عند تعارض استخارتين مثل الأب والابنة !

16

-

لا يجوز عند إفتاء المستخير ....

17

الرابعة

-

استخارات شركية

18

الثاني

-

-

عناصر عامة لإتقانها

19

-

الأولى

-

العلم والعمل والاجتهاد

20

-

-

-

هل الاستخارة تحتاج إلى مدارس وجامعات ؟

20

-

-

إذا لم يثمر الاجتهاد فعلى ماذا يدل ؟

22

-

الثانية

أهمية فقه علاقة تسلسل الأسباب بالنتائج

22

-

-

لماذا فشل طالب مجتهد ؟

22

-

-

تقرير وتحليل

22

-

-

وقفة سريعة

24

-

-

تنبيه على تلبيس إبليس

24

-

-

لماذا لم يعذرهم r بالجهل والخطأ ؟

25

المبحث

المسألة

تفريع

الموضوع

الصفحـة

الثالث

-

-

أعمال وثمار قلبية ملازمة لها

26

-

الأولى

-

توضيحات وتأصيلات

26

-

-

هل يلزم من حسن عمل القلب أن يكون حسناً في الاستخارة

26

-

-

هل يلزم من حسن عمل القلب ....

26

-

الثانية

-

التصديق

27

-

-

علامات حسن التصديق

27

-

الثالثة

-

التوكل

29

-

-

أهمية التوكل

29

-

-

التوكل والقدر

29

-

-

التوكل وحصول الكفاية

30

-

-

حال المتوكلين مع الله

33

-

-

وجوب التوكل

34

-

-

متى يكون التوكل واجباً

34

-

-

علاقة التوكل في تيسير الأمور

35

-

-

أنواع توكل الناس

36

-

-

ثمار الفرق بين المتوكل والذي يتوكل ومن يتوكل

36

-

-

علامات حسن التوكل في الاستخارة

37

-

الرابعة

الطمأنينة

39

-

-

علامات الطمأنينة

39

-

-

طمأنينة الجارحة وعلاقتها بالاستخارة

39

-

الخامسة

السكينة

42

-

-

متى تنزل السكينة ؟

42

-

-

علامات السكينة

43

-

-

علاقة السكينة بالاستخارة

44

-

السادسة

الرضا

44

-

-

علامات الرضا

45

-

السابعة

-

صلاح البال

46

-

-

الاستخارة وصلاح البال

46

-

أسئلة للمكاشفة الإيمانية والخاتمة

46

 

([1] ) هذا التفريع منتقى من بعض المسائل وليس كل ما في المسألة.

([2] ) التعاريف (1/32) المناوي ، التعريفات (1/23) الجرجاني .

([3]) أخرجه أبو يعلى في مسنده (4386) ، والطبراني في المعجم الوسط (897) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1113).

([4] ) (تفسير القرطبي 10/167) ، (فتح الباري 1/120) بنحوه.

[5]) ) جاءت روايات أخرى في البخاري وغيره تبين موضع تسمية الحاجة عند قوله : ( فإن كنت تعلم أن هذا الأمر ثم تسميه بعينه خيراً لي ...) وكذلك تسمي حاجتك عند قولك:(إن كنت تعلم هذا الأمر - تسمي حاجتك- شرا لي) وقد جاءت من روايات أخرى في غير البخاري مثل أبي داود وابن حبان ، وسيأتي في الشرح .

[6]) ) ذكره الإمام الشوكاني (نيل الأوطار 3/ 90).

[7]) ) انظر شرح النووي لصحيح مسلم ( ج 9/ 228) ، وتحفة الأحوذي (2/ 482) المباركفوري .

([8] ) (عود المعبود / 4/ 278) ( تحفة الأحوذي/ 2/ 483) وهذا يدل على أنها ليس مجرد ركعتين بدعاء مخصوص ويدل أيضاً على أنها تحتاج إلى تبيين.،والتبيين يحتاج إلى اجتهاد ودعاء وغير ذلك .

[9]) ) حاشية السندي (6/80).

[10]) ) وللإمام ابن القيم تحقيق جميل في هذه المسألة فليراجع في (جلاء الأفهام / 1/ 324) .

[11]) ) عون المعبود : (ج 4/ 279)

[12]) ) (نيل الأوطار / 3/ 89/ ) الشوكاني .

[13] ) كل عمل لا يقبل إلا بالإخلاص ، وكل إخلاص لا يقبل إلا بالموافقة والمتابعة للكتاب والسنة على فهم السلف رضوان الله عليهم .

[14] ) حديث متفق عليه ، وقد قال بعض السلف : (( من لا يعرق نيته لا يعرف دينه))، فلهذا معرفة نوع النية في الاستخارة مهم جدا .

[15]) ) مراقي الفلاح / 1/ 205) الطحطاوي ، ( الفتح / 11/ 184) ، ( المبدع / 2/ 25) ابن مفلح الحنبلي .

[16])) انظر مجمع البحرين/2/ص323/حديث 1137) تحقيق الشيخ عبد القدوس محمد نذير، ((المعجم الكبير/ حديث 11477،10421)) ((الأوسط / حديث 935)) (( مصنف عبد الرزاق حديث / 20210)) ((البزار حديث/1583)) ، ((مصنف ابن أبي شيبه/حديث 29402)).

[17] ) مثل فتاة تعلم مسبقا أن أباها يرفض زواجها من شاب وإن كان على خلق ودين ،لأنه يريدها أن تتزوج من غني أو صاحب جاه أو من قريب له ونحو ذلك .

[18] ) وفي الحديث ((عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط )) أخرجه ابن ماجه ، وحسنه الألباني .

([19] ) لمزيد من الفائدة انظر لـــــزامــــــــــاً ((مجموع الفتاوى /8/190)).

[20] ) نقلتها من كتاب ((كشف الستارة عن صلاة الاستخارة )) ، للشيخين أبي عمرو عبدا لله بن محمد الحمادي .

 

([21]) انظر الاستخارات المبتدعة أيضاً في: المدخل (4/37 – 38). الفتح الرباني للساعاتي (5/25) القول المبين (ص 409 – 410) للشيخ مشهور. وهذه الإحالة من صاحب الكتاب السالف الذكر .

([22] ) فتح الباري ج1/ص160.

([23] ) (صحيح الجامع /4093) (السلسلة الصحيحة/ 342) الألباني.

([24]) مثل التقوى للخروج من الشدة وحصول الرزق ، والتوكل للكفاية ، ونحو ذلك من الأمور التي دلت عليها النصوص الشرعية .

([25]) وللأسف هذا ما لمسته في كثير من المصلين الذين حاورتهم ، ومن هؤلاء من استخار من قبل ، وهذا يدل على وجود خلل أو تناقض ؛ لأن من استخار ولو مرة وذاق ثمرتها ينبغي أن يسعد بها ويكثر منها ؛ أو على أقل الأحوال أن لا يشعر بضيق أو تحرج إذا قيل له مثل ذلك .

([26] ) تقدم تخريجه .

([27]) تنبيه قد يقول قائل : يستطيع أن يذاكر بعد الفجر بدلاً من المساء ، وقد يعترض آخر فيقول : (( افرض أن عنده عملاً في الصباح والدراسة في المساء أو العكس ، وقد يقول ثالث ورابع ... الحل كذا وكذا ، وحتى لا يطول المقام في هذه الحلول والمقترحات ، فإننا لن نناقشها ؛ لأن السبب الحقيقي واحد وإن تعددت واختلفت أسبابه ونتائجه ، وحينها ستتضح أهمية فهم العلاقة التسلسلية للأسباب والنتائج.

([28] ) هو الذي يربط الأسباب والنتائج من جانب شرعي وليس فقط من جانب عقلي نفسي محض ، فالشرعي يجمع بين الأمرين .

([29] ) وعلامته هنا كثرة المذاكرة على حساب واجب شرعي.

([30] ) وأقرب مثل إلى ذلك ارتفاع نسبه الانتحار عندهم مع أنهم أكثر غنىً.

([31] ) وذلك عندما رأى r وسلم أعقاب بعض الصحابة y لم يمسها الماء أثناء الوضوء للصلاة.

([32] ) أخرجه البخاري ومسلم وابن حبان في صحيحه وابن خزيمة .

([33] ) وبعض هذه الأعمال ثمار لأعمال قلبية قبلها كالرضا والطمأنينة من ثمار التوكل .

([34] ) هناك نصوص شرعية كثيرة تدل على هذا الشاهد ، ولكن اكتفيت بواحدٍ حرصاً على عدم الإطالة .

([35]) حديث صحيح أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه أيضاً الألباني في السلسلة وصحيح الجامع .

([36] ) لمزيد من الفائدة انظر/ الانتصار للألباني/ الفصل الأول/ المبحث الثاني/ الدليل التاسع/ حديث البطاقة.

([37] ) أخرجه البخاري ومسلم .

([38] ) وشرع ما قبلنا شرع لنا ما لم يأتِ دليل بخلافه.

([39]) لم أذكره؛ لأن ذلك معلوم من الدين بالضرورة ، فهي عبادة مستورة في عبادة ظاهرة، أي يصعب أن يدخلها الرياء.

([40] ) التوحيد ثلاثة أنواع : توحيد ربوبية ، إلوهية ، أسماء وصفات.

([41] ) فتح الباري / الحج / باب 6 / م 3 / ص 383 .

[42] ) أخرجه الترمذي وابن حبان في صحيحة ، وصححه الألباني والأرناؤوط .

([43] ) قال القرطبي : ((لأن التوكل إنما هو اعتماد القلب على الله تعالى )) [تفسير سورة الرعد آية :22].

([44] ) ((جامع الرسائل 1/87/ رسالة في تحقيق التوكل)).

([45] ) أي أن حصول الكفاية علامة على حسن التوكل وليس التوكل سبباً في حصول الكفاية .

([46] ) ((جامع الرسائل / ص 96/ رسالة في تحقيق التوكل)).

([47] ) فتح الباري 10/112/ باب أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأول فالأول.

([48] ) قال تعالى ] إِنَّمَا ذلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ[ [آل عمران:175].

[49] ) ((كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في العقيدة 7/16))

([50] ) ((تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد : ص 437)).

([51] ) حلية الأولياء 8/61 ، بتصرف وإضافة .

([52] ) انظر تفسير القرطبي (5/374) و (التعريفات م1/159) للمناوي.

([53] ) حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/194) وقال الأرناؤوط : إسناد صحيح.

([54] ) ((النبوات : 1/83)).

([55] ) انظر (فرائد الفوائد / باب العلم / فائدة بعنوان من هم العقلاء الكاملون) .

([56] ) تفسير القرطبي : ((16/278)).

([57] ) التعريفات ((1/159)) علي بن محمد الجرجاني.

([58] ) تفسير الطبري ((2/611)).

([59] ) ((أمراض القلوب وشفاؤها / ص 53)) لشيخ الإسلام ، ((شعب الإيمان 1/221) البيهقي.

([60]) وقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه الأرناؤوط والحاكم في مستدركه ((وأسألك الرضا بعد القضاء)) وكذلك حديث الاستخارة ((ثم أرضني به)).

([61] ) مجموع الفتاوى ((10/482)) ((10/682)) شيخ الإسلام.

([62]) والآية يسبقها قولـه تعالى : ] وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُـواْ مِـــن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُـمْ [[النساء:66] أليس الاستخارة من الأشياء التي يوعظ بها وأيسر كثيراً من قتل النفس توبة أو الخروج من الديار هجرة ؟ ، بل هي نعمة مهداة من ربٍ غفور رحيم .

([63] ) ((الحسنة والسيئة / ص 25 / فصل تتابع الحسنات)) ابن تيمية ، ((مجموع الفتاوى /14/240)).

([64]) المراقبة شطر الإحسان وهي أن تعلم أن الله يراك ، أي أنك لا تراقب الله في الأسباب والقرائن التي يوصلها إليك ويسهلها لك - قال تعالى : ] وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ[ [ القصص:51 ] - لتمييز الصرف من التيسير فتجعلها مؤشراً تدين الله بها إلى أن يجّلي لك الأمر وسوف يأتي الحديث عن ذلك .

([65]) أي ليس لجلب خيرٍ ودفع شرٍ ؛ فإن حصل ما كان يهواه قبل الاستخارة فَنعْمَّا هو وإن حصل غير ذلك فلم يخسر شيئاً ، ومثل هذا الأمر يعد من التجربة ، والتجربة فيما أمر به الشارع لا يجوز ؛ كالذي يرقي نفسه أو غيره تجربة ، بل لابد من الاعتقاد بصدق الوعد وإحياء عمل القلب لكي يبقى الإيمان متجدداً.

([66] ) عادة ما يستخدم العوام هذه الكلمة ومعناها المصادفة والاتفاق ،أي إتباع دون بصيرة .والأصل أن البركة أمر مطلوب،وينبغي استخدامها في الأمور المحمودة ، واستخدمتها للتقريب حتى يعلم العامة حكمها ولوازمها.

([67] ) (مجموع الفتاوى / 11/ 459) (العقود الدرية /1/465).

[68]) ) وهذه علامة مهمة من علامات الإخلاص الكثيرة .

المبحث

المسألة

تفريع(1)

الموضوع

الصفحـة

-

-

-

الإتقان لغة واصطلاحا

الأول

-

-

أحاديثها وأحكامها

5

-

الأولى

-

أحاديث الاستخارة وتخريجها

5

-

-

(1)

حديث جابر

5

-

-

(2)

حديث الاستخارة في الخطبة

7

-

-

(3)

حديث الاستخارة والسعادة

7

(4)

حديث تكرار الاستخارة

8

-

الثانية

-

شرح حديث الاستخارة مع بعض الفوائد

9

-

الثالثة

-

أحكامها

12

-

-

هل تسن الاستخارة عند التباس الأمر فقط ؟

12

-

-

لماذا لا تجوز الاستخارة قبل معرفة الحكم ؟!

13

-

-

هل يجوز الدعاء بعد الاستخارة بتيسير أمر بعينه ؟

14

-

-

انشراح الصدر للفعل أو الترك

15

-

-

الاستخارة والعلم المسبق بتعنت من بيده الأمر

16

-

-

عند تعارض استخارتين مثل الأب والابنة !

16

-

لا يجوز عند إفتاء المستخير ....

17

الرابعة

-

استخارات شركية

18

الثاني

-

-

عناصر عامة لإتقانها

19

-

الأولى

-

العلم والعمل والاجتهاد

20

-

-

-

هل الاستخارة تحتاج إلى مدارس وجامعات ؟

20

-

-

إذا لم يثمر الاجتهاد فعلى ماذا يدل ؟

22

-

الثانية

أهمية فقه علاقة تسلسل الأسباب بالنتائج

22

-

-

لماذا فشل طالب مجتهد ؟

22

-

-

تقرير وتحليل

22

-

-

وقفة سريعة

24

-

-

تنبيه على تلبيس إبليس

24

-

-

لماذا لم يعذرهم r بالجهل والخطأ ؟

25

المبحث

المسألة

تفريع

الموضوع

الصفحـة

الثالث

-

-

أعمال وثمار قلبية ملازمة لها

26

-

الأولى

-

توضيحات وتأصيلات

26

-

-

هل يلزم من حسن عمل القلب أن يكون حسناً في الاستخارة

26

-

-

هل يلزم من حسن عمل القلب ....

26

-

الثانية

-

التصديق

27

-

-

علامات حسن التصديق

27

-

الثالثة

-

التوكل

29

-

-

أهمية التوكل

29

-

-

التوكل والقدر

29

-

-

التوكل وحصول الكفاية

30

-

-

حال المتوكلين مع الله

33

-

-

وجوب التوكل

34

-

-

متى يكون التوكل واجباً

34

-

-

علاقة التوكل في تيسير الأمور

35

-

-

أنواع توكل الناس

36

-

-

ثمار الفرق بين المتوكل والذي يتوكل ومن يتوكل

36

-

-

علامات حسن التوكل في الاستخارة

37

-

الرابعة

الطمأنينة

39

-

-

علامات الطمأنينة

39

-

-

طمأنينة الجارحة وعلاقتها بالاستخارة

39

-

الخامسة

السكينة

42

-

-

متى تنزل السكينة ؟

42

-

-

علامات السكينة

43

-

-

علاقة السكينة بالاستخارة

44

-

السادسة

الرضا

44

-

-

علامات الرضا

45

-

السابعة

-

صلاح البال

46

-

-

الاستخارة وصلاح البال

46

-

أسئلة للمكاشفة الإيمانية والخاتمة

46

 

([1] ) هذا التفريع منتقى من بعض المسائل وليس كل ما في المسألة.

([2] ) التعاريف (1/32) المناوي ، التعريفات (1/23) الجرجاني .

([3]) أخرجه أبو يعلى في مسنده (4386) ، والطبراني في المعجم الوسط (897) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1113).

([4] ) (تفسير القرطبي 10/167) ، (فتح الباري 1/120) بنحوه.

[5]) ) جاءت روايات أخرى في البخاري وغيره تبين موضع تسمية الحاجة عند قوله : ( فإن كنت تعلم أن هذا الأمر ثم تسميه بعينه خيراً لي ...) وكذلك تسمي حاجتك عند قولك:(إن كنت تعلم هذا الأمر - تسمي حاجتك- شرا لي) وقد جاءت من روايات أخرى في غير البخاري مثل أبي داود وابن حبان ، وسيأتي في الشرح .

[6]) ) ذكره الإمام الشوكاني (نيل الأوطار 3/ 90).

[7]) ) انظر شرح النووي لصحيح مسلم ( ج 9/ 228) ، وتحفة الأحوذي (2/ 482) المباركفوري .

([8] ) (عود المعبود / 4/ 278) ( تحفة الأحوذي/ 2/ 483) وهذا يدل على أنها ليس مجرد ركعتين بدعاء مخصوص ويدل أيضاً على أنها تحتاج إلى تبيين.،والتبيين يحتاج إلى اجتهاد ودعاء وغير ذلك .

[9]) ) حاشية السندي (6/80).

[10]) ) وللإمام ابن القيم تحقيق جميل في هذه المسألة فليراجع في (جلاء الأفهام / 1/ 324) .

[11]) ) عون المعبود : (ج 4/ 279)

[12]) ) (نيل الأوطار / 3/ 89/ ) الشوكاني .

[13] ) كل عمل لا يقبل إلا بالإخلاص ، وكل إخلاص لا يقبل إلا بالموافقة والمتابعة للكتاب والسنة على فهم السلف رضوان الله عليهم .

[14] ) حديث متفق عليه ، وقد قال بعض السلف : (( من لا يعرق نيته لا يعرف دينه))، فلهذا معرفة نوع النية في الاستخارة مهم جدا .

[15]) ) مراقي الفلاح / 1/ 205) الطحطاوي ، ( الفتح / 11/ 184) ، ( المبدع / 2/ 25) ابن مفلح الحنبلي .

[16])) انظر مجمع البحرين/2/ص323/حديث 1137) تحقيق الشيخ عبد القدوس محمد نذير، ((المعجم الكبير/ حديث 11477،10421)) ((الأوسط / حديث 935)) (( مصنف عبد الرزاق حديث / 20210)) ((البزار حديث/1583)) ، ((مصنف ابن أبي شيبه/حديث 29402)).

[17] ) مثل فتاة تعلم مسبقا أن أباها يرفض زواجها من شاب وإن كان على خلق ودين ،لأنه يريدها أن تتزوج من غني أو صاحب جاه أو من قريب له ونحو ذلك .

[18] ) وفي الحديث ((عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط )) أخرجه ابن ماجه ، وحسنه الألباني .

([19] ) لمزيد من الفائدة انظر لـــــزامــــــــــاً ((مجموع الفتاوى /8/190)).

[20] ) نقلتها من كتاب ((كشف الستارة عن صلاة الاستخارة )) ، للشيخين أبي عمرو عبدا لله بن محمد الحمادي .

 

([21]) انظر الاستخارات المبتدعة أيضاً في: المدخل (4/37 – 38). الفتح الرباني للساعاتي (5/25) القول المبين (ص 409 – 410) للشيخ مشهور. وهذه الإحالة من صاحب الكتاب السالف الذكر .

([22] ) فتح الباري ج1/ص160.

([23] ) (صحيح الجامع /4093) (السلسلة الصحيحة/ 342) الألباني.

([24]) مثل التقوى للخروج من الشدة وحصول الرزق ، والتوكل للكفاية ، ونحو ذلك من الأمور التي دلت عليها النصوص الشرعية .

([25]) وللأسف هذا ما لمسته في كثير من المصلين الذين حاورتهم ، ومن هؤلاء من استخار من قبل ، وهذا يدل على وجود خلل أو تناقض ؛ لأن من استخار ولو مرة وذاق ثمرتها ينبغي أن يسعد بها ويكثر منها ؛ أو على أقل الأحوال أن لا يشعر بضيق أو تحرج إذا قيل له مثل ذلك .

([26] ) تقدم تخريجه .

([27]) تنبيه قد يقول قائل : يستطيع أن يذاكر بعد الفجر بدلاً من المساء ، وقد يعترض آخر فيقول : (( افرض أن عنده عملاً في الصباح والدراسة في المساء أو العكس ، وقد يقول ثالث ورابع ... الحل كذا وكذا ، وحتى لا يطول المقام في هذه الحلول والمقترحات ، فإننا لن نناقشها ؛ لأن السبب الحقيقي واحد وإن تعددت واختلفت أسبابه ونتائجه ، وحينها ستتضح أهمية فهم العلاقة التسلسلية للأسباب والنتائج.

([28] ) هو الذي يربط الأسباب والنتائج من جانب شرعي وليس فقط من جانب عقلي نفسي محض ، فالشرعي يجمع بين الأمرين .

([29] ) وعلامته هنا كثرة المذاكرة على حساب واجب شرعي.

([30] ) وأقرب مثل إلى ذلك ارتفاع نسبه الانتحار عندهم مع أنهم أكثر غنىً.

([31] ) وذلك عندما رأى r وسلم أعقاب بعض الصحابة y لم يمسها الماء أثناء الوضوء للصلاة.

([32] ) أخرجه البخاري ومسلم وابن حبان في صحيحه وابن خزيمة .

([33] ) وبعض هذه الأعمال ثمار لأعمال قلبية قبلها كالرضا والطمأنينة من ثمار التوكل .

([34] ) هناك نصوص شرعية كثيرة تدل على هذا الشاهد ، ولكن اكتفيت بواحدٍ حرصاً على عدم الإطالة .

([35]) حديث صحيح أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه أيضاً الألباني في السلسلة وصحيح الجامع .

([36] ) لمزيد من الفائدة انظر/ الانتصار للألباني/ الفصل الأول/ المبحث الثاني/ الدليل التاسع/ حديث البطاقة.

([37] ) أخرجه البخاري ومسلم .

([38] ) وشرع ما قبلنا شرع لنا ما لم يأتِ دليل بخلافه.

([39]) لم أذكره؛ لأن ذلك معلوم من الدين بالضرورة ، فهي عبادة مستورة في عبادة ظاهرة، أي يصعب أن يدخلها الرياء.

([40] ) التوحيد ثلاثة أنواع : توحيد ربوبية ، إلوهية ، أسماء وصفات.

([41] ) فتح الباري / الحج / باب 6 / م 3 / ص 383 .

[42] ) أخرجه الترمذي وابن حبان في صحيحة ، وصححه الألباني والأرناؤوط .

([43] ) قال القرطبي : ((لأن التوكل إنما هو اعتماد القلب على الله تعالى )) [تفسير سورة الرعد آية :22].

([44] ) ((جامع الرسائل 1/87/ رسالة في تحقيق التوكل)).

([45] ) أي أن حصول الكفاية علامة على حسن التوكل وليس التوكل سبباً في حصول الكفاية .

([46] ) ((جامع الرسائل / ص 96/ رسالة في تحقيق التوكل)).

([47] ) فتح الباري 10/112/ باب أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأول فالأول.

([48] ) قال تعالى ] إِنَّمَا ذلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ[ [آل عمران:175].

[49] ) ((كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في العقيدة 7/16))

([50] ) ((تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد : ص 437)).

([51] ) حلية الأولياء 8/61 ، بتصرف وإضافة .

([52] ) انظر تفسير القرطبي (5/374) و (التعريفات م1/159) للمناوي.

([53] ) حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/194) وقال الأرناؤوط : إسناد صحيح.

([54] ) ((النبوات : 1/83)).

([55] ) انظر (فرائد الفوائد / باب العلم / فائدة بعنوان من هم العقلاء الكاملون) .

([56] ) تفسير القرطبي : ((16/278)).

([57] ) التعريفات ((1/159)) علي بن محمد الجرجاني.

([58] ) تفسير الطبري ((2/611)).

([59] ) ((أمراض القلوب وشفاؤها / ص 53)) لشيخ الإسلام ، ((شعب الإيمان 1/221) البيهقي.

([60]) وقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه الأرناؤوط والحاكم في مستدركه ((وأسألك الرضا بعد القضاء)) وكذلك حديث الاستخارة ((ثم أرضني به)).

([61] ) مجموع الفتاوى ((10/482)) ((10/682)) شيخ الإسلام.

([62]) والآية يسبقها قولـه تعالى : ] وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُـواْ مِـــن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُـمْ [[النساء:66] أليس الاستخارة من الأشياء التي يوعظ بها وأيسر كثيراً من قتل النفس توبة أو الخروج من الديار هجرة ؟ ، بل هي نعمة مهداة من ربٍ غفور رحيم .

([63] ) ((الحسنة والسيئة / ص 25 / فصل تتابع الحسنات)) ابن تيمية ، ((مجموع الفتاوى /14/240)).

([64]) المراقبة شطر الإحسان وهي أن تعلم أن الله يراك ، أي أنك لا تراقب الله في الأسباب والقرائن التي يوصلها إليك ويسهلها لك - قال تعالى : ] وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ[ [ القصص:51 ] - لتمييز الصرف من التيسير فتجعلها مؤشراً تدين الله بها إلى أن يجّلي لك الأمر وسوف يأتي الحديث عن ذلك .

([65]) أي ليس لجلب خيرٍ ودفع شرٍ ؛ فإن حصل ما كان يهواه قبل الاستخارة فَنعْمَّا هو وإن حصل غير ذلك فلم يخسر شيئاً ، ومثل هذا الأمر يعد من التجربة ، والتجربة فيما أمر به الشارع لا يجوز ؛ كالذي يرقي نفسه أو غيره تجربة ، بل لابد من الاعتقاد بصدق الوعد وإحياء عمل القلب لكي يبقى الإيمان متجدداً.

([66] ) عادة ما يستخدم العوام هذه الكلمة ومعناها المصادفة والاتفاق ،أي إتباع دون بصيرة .والأصل أن البركة أمر مطلوب،وينبغي استخدامها في الأمور المحمودة ، واستخدمتها للتقريب حتى يعلم العامة حكمها ولوازمها.

([67] ) (مجموع الفتاوى / 11/ 459) (العقود الدرية /1/465).

[68]) ) وهذه علامة مهمة من علامات الإخلاص الكثيرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج1وج2وج3وج4.كتاب الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة النجم الغزي

  ج1وج2وج3وج4. كتاب الكواكب السائرة     بأعيان المئة العاشرة النجم الغزي  الطبقة الأولىفي ذكر من وقعت وفاته من المتعينين من افتتاح سنة...